جاء في "الجريدة" الكويتية:
شهد لبنان دفعاً دبلوماسياً مكثفاً لحسم الاستحقاق، الذي لا يزال يتصدره اسم قائد الجيش جوزيف عون، والذي يحظى بتقاطع داخلي وخارجي، ولكن دونه موانع كثيرة أبرزها موقف التيار الوطني الحرّ، والثنائي الشيعي، والقوات اللبنانية التي لم تعلن تبنيها أو دعمها لترشيحه حتى بعد عودته من السعودية. إلى جانب جوزيف عون تنحصر الترشيحات في 3 شخصيات أخرى هم المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، وجهاد أزعور، والمصرفي سمير عساف.
وأصبحت مهمة الرئيس معروفة للمجتمع الدولي، الذي يريد إنجاز ترتيبات أمنية شاملة وإرساء استقرار، لا سيما في الجنوب مع تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار على الرغم من الخروقات الإسرائيلية، بالإضافة إلى إيجاد علاج لمسألة سلاح «حزب الله»، بالإضافة إلى المهمة المتصلة بإعادة الإعمار ووضع خطة إصلاحية على المستوى الاقتصادي، لذلك فإن المعركة تتركز بين مرشحين أمنيين وعسكريين، أو اقتصاديين.
وأُبلغ مختلف الفرقاء أن المطلوب التزام لبنان بالأجندة الدولية، خصوصاً مسألة السلاح والاستقرار والإصلاحات، ولذلك كل الضغوط تركز على أن أي رئيس يجب أن يلتزم بهذه المعايير والمواصفات التي وضعتها الدول الخمس المعنية بلبنان. وتستغل إسرائيل الوضع القائم حالياً لتوسيع نطاق اعتداءاتها في الجنوب وتتذرع بأن «حزب الله» لم ينسحب من جنوب الليطاني. في المقابل، فإن الحزب وحركة أمل يعتبران ما تقوم به إسرائيل محاولة لفرض أمر واقع عسكري له انعكاسات سياسية، بمعنى أنها تفرض مع أميركا معايير على أي رئيس أو حكومة الالتزام بها، وتغيير موازين القوى. وذلك في حال تحقق في جلسة 9 يناير فإن عملية الانتخاب ستنجز وسينتخب الرئيس، أما إذا استمر التضارب في التوجهات الداخلية ولم يحصل التوافق على أي مرشح فإن الجلسة قد لا تنتج رئيساً. وفي هذا السياق يؤكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه حريص على انتخاب الرئيس، وسيُبقي الجلسة مفتوحة وبدورات متتالية لأجل الخروج بنتيجة.
وسيلتقي برّي بعد غد رئيس لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار برفقة السفيرة الأميركية، وسيشدد على ضرورة ضمان واشنطن التزام إسرائيل بالاتفاق وعدم مواصلة الخروقات والاعتداءات وعمليات التفجير، لأنه لا أحد يضمن ما سيُقدم عليه «حزب الله»، وأنه حينئذ يمكن للاتفاق أن ينهار. في هذا السياق، يحظى جوزيف عون بدعم أميركي واضح للرئاسة، وبعض المعلومات تتحدث عن زيارة محتملة للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للبحث في سبل تطبيق الاتفاق والتفاوض مع بري حول إمكانية انتخاب الرئيس، ولا يخفى أنه يفضل وصول قائد الجيش إلى الرئاسة. في السياق، برزت زيارة قائد الجيش الإيجابية للسعودية، بحسب مصادر متابعة، وأُبلغ أن المملكة حريصة على المؤسسة العسكرية اللبنانية، وعلى أداء عون على رأسها، متعهدة بتوفير كل سبل الدعم لهما في المرحلة المقبلة.
وبرز تحرك سعودي على الساحة اللبنانية، من خلال زيارة سيجريها وزير الخارجية فيصل بن فرحان، وهو أول وزير خارجية سعودي يزور بيروت منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم، ويشير ذلك إلى رفع درجة الاهتمام بلبنان، كما أن مستشار الوزير السعودي للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد بن فرحان، الذي يواكب الملف اللبناني، قد يسبق وزير الخارجية إلى بيروت بيومين لعقد لقاءات مع مختلف القوى السياسية بانتظار وصول الوزير بن فرحان لعقد لقاءات مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب، ودعوة عدد من المسؤولين إلى غداء في السفارة السعودية. وتفيد المعلومات بأن الزيارة السعودية، تمثل تحولاً أساسياً في مسار المقاربة السعودية في لبنان، لا سيما أنها الزيارة الأولى التي يجريها وزير الخارجية منذ سنوات طويلة، وهي تجري بتنسيق كامل مع الأميركيين والفرنسيين، والتي ستتضمن إشارات واضحة حول انتخاب رئيس الجمهورية، والمواصفات التي تم وضعها من اللجنة الخماسية، مع الإشارة إلى الثقة العامة والمطلقة بالمؤسسة العسكرية وكيفية إدارتها من قائد الجيش، وهذا ما ستتم مناقشته مع بري في محاولة لفتح كوة وإنجاز الاستحقاق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك