لم يكن الشيخ نعيم قاسم الأمين العام الأول لحزب الله بعد استشهاد السيد حسن نصرالله. هذا ما أكده هو شخصياً، وما أثبتته الدعوات الرسمية التي وجّهها "الحزب" للقوى السياسية للمشاركة في تشييع نصرالله، والرجل الثاني من بعده السيد هاشم صفي الدين.
كان لافتاً أن تحمل هذه الدعوات لقب "الأمينَين العامَين السابقَين نصرالله وصفي الدين"، علماً أن أي إعلان رسمي حول انتخاب الأخير كأمين عام للحزب لم يصدر طوال الأشهر الماضية التي تلت اغتياله في 3 تشرين الأول 2024.
وأكثر من ذلك، فإن بيان النعي الذي وزّعته العلاقات الإعلامية في حزب الله، في 23 تشرين الأول، عرّف عنه بصفته السابقة كرئيس للمجلس التنفيذي، وجاء فيه: "ننعى إلى أمة الشهداء والمجاهدين، أمة المقاومة والانتصار قائدًا كبيرا وشهيداً عظيماً على طريق القدس رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة العلامة السيد هاشم صفي الدين رضوان الله تعالى عليه. والذي ارتحل إلى ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين راضياً مرضياً صابراً محتسباً، في غارة صهيونية إجرامية عدوانية".
فمتى عُيِّن صفي الدين أميناً عاماً لحزب الله، لا سيما وأن أقلّ من أسبوع فقط يفصل بين استشهاده واستشهاد سلفه في 27 أيلول؟
يستعيد الكاتب السياسي قاسم قصير، في حديث مع موقع mtv، إطلالة الشيخ نعيم قاسم قبل حوالى الشهر، والتي أعلن فيها أنه تم انتخاب صفي الدين أميناً عاماً قبل استشهاده. وفي هذه الإطلالة، شرح قاسم أنه بعد 4 أيام من استشهاد نصرالله، كان أنجز حزب الله آلية انتخاب صفي الدين أميناً عاماً، وكان من المفترَض أن يُعلَن عن الأمر خلال أيام، وإذ بعملية اغتيال تودي بحياته.
رغم توضيح الشيخ قاسم، إلا ان السؤال يطرح نفسه عن سبب كتمان "الحزب" لهذا الخبر، وعدم نعيه له بهذه الصفة طالما كان قد أُنجز انتخابه، خصوصاً وأن النعي الرسمي لم يحصل إلا بعد مرور حوالى العشرين يوماً.
يوضح قصير هذه الإشكالية، مبرّراً عدم نعي صفي الدين كأمين عام بأنه آنذاك لم يكن تم الإعلان عن انتخابه بعد.
وإذ أكّد أن عملية الانتخاب حصلت فعلاً، كشف قصير أن انتخابه حصل وفق الآلية التي يعتمدها حزب الله من خلال مجلس الشورى، والذي يتألف من 7 أعضاء ينتخبهم المؤتمر العام في "الحزب".
قطبة مخفية يحملها كتمان "الحزب" لهذا الخبر طوال هذه الفترة، رغم أن صفي الدين كان يُعتبر المرشح الأبرز لخلافة نصر الله، وكان من المنتظَر فعلاً أن يقود حزب الله من بعده.
صفي الدين، من مواليد عام 1964 في بلدة دير قانون النهر جنوب لبنان، يتشارك مشهد التشييع الكبير مع "السيد"، الذي جمعته معه القرابة العائلية أيضاً، كما التشابه بينهما في الشكل والصوت والهيئة.
صحيح أن خسارة "الحزب" الكبرى كانت باغتيال نصرالله، إلا أن استشهاد صفي الدين، الذي وُصف مراراً برئيس حكومة حزب الله، لا يقلّ بفداحته وتداعياته على مسيرته المستقبليّة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك