تريثت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية لما يقارب 22 ساعة قبل أن تُصدر بيان تكليف حكومة الرئيس سعد الحريري تصريف الأعمال بعد إعلان الحريري استقالته على وقع ضغط الشارع الملتهب. خطوة دستورية متوقعة من قصر بعبدا. لكن تأخيرها يشغل اليوم المراقبين، خصوصا أنها أتت في عز عاصفة من المواقف البرتقالية التي أكدت أن الحريري لم ينسق خطوة بهذا الحجم مع شريك التسوية، التيار الوطني الحر، وهو ما أعلنته أوساط بعبدا أيضا، معبّرة عن نوع من العتب إزاء استفراد الحريري بقراره هذا.
مع صدور البيان الرئاسي، انتقلت الأمور إلى مرحلة ما بعد استيعاب الصدمة المباغتة، وهي التي يعد الجميع فيها العدة لمرحلة مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة. وفيما لا يزال الغموض يغلف قرار الرئيس الحريري إزاء العودة إلى السراي أو عدمها، يبدو التيار الوطني الحر يستعد للعودة إلى موقعه عازفا على وتر "معايير التشكيل الشهيرة" التي عطلت تأليف الحكومة المستقيلة على مدى شهور. عقدة تضاف إلى أخرى متعلقة بتوزير رئيس التيار جبران باسيل، وهو الذي بدا في صلب الصرخات الاعتراضية في الشارع. على أي حال، أمر واحد يبدو ثابتا في الأوساط البرتقالية: المهمة الأولى للفريق الوزاري العتيد ستكون مكافحة الفساد، بعد أن أسقط العهد المؤامرة التي حيكت له.
وفي السياق، أكدت أوساط عونية لـ ""المركزية" أن بعد "النجاح في إسقاط المؤامرة بل الانقلاب على العهد، الذي أظهره المشهد في الأيام الأخيرة، فإن الأولوية ستكون لمكافحة الفساد، بدليل أن رئيس الجمهورية لن يقبل إلا بحكومة تنفذ هذه المهمة، على صعوبتها".
وشددت الأوساط على أن "لا يجوز أن تضم الحكومة العتيدة وجوها من المصنفين في خانة الفاسدين، خصوصا أن الحرب على الفساد كانت ولا تزال في صلب مشروعنا السياسي، تماما كما تأمين المطالب المحقة للناس وحقوقهم الأساسية"، مشيرة إلى أن "هذا ما يفسر مطالبتنا بتشكيل الفريق الوزاري العتيد في أسرع وقت حتى نتمكن من إطلاق قطار الاصلاحات الذي ينتظره الشعب".
غير أن هذا الاستعجال لا ينفي أن التيار الحر يترقب بحذر الاستعدادات لبدء مفاوضات التأليف، التي من المنتظر أن تغرق في لعبة الشروط والشروط المضادة. وفي هذا السياق، أكدت المصادر أن "هناك معايير ميثاقية ووطنية يجب أن تراعى في عملية تشكيل الحكومات".
أما في خصوص احتمالات توزير باسيل، تكتفي الأوساط بالاشارة إلى أن "هذا الأمر يناقش مع التيار الوطني الحر وصاحب العلاقة، علما أن رئيس الجمهورية هو الذي يجري الاستشارات الملزمة".
وعن استقالة الحريري، كررت الأوساط الاشارة الى المفاجأة في اوساط التيار الحر إزاء الخطوة، معتبرة أنها حملت "نوعا من التهرب من المسؤولية، فيما كان من الأفضل أن يتشاور مع المعنيين في خطوة بهذا الحجم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك