إذا لم تحصل عراقيل فعلية أمام تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، فإن أحد بنود التفاهم بين الرئيس سعد الحريري وعون هي حول عدم التدخل في سوريا، وهذا يعني استمراراً لسياسة الحكومة الحالية بالنأي بالنفس وعدم التعامل مع الحكومة السورية.
وأبرز مسألة تواجه لبنان والحكومة المقبلة هي طريقة التعاطي مع اللاجئين السوريين، ولطالما كان هناك تعويل دولي على أن وجود رئيس في لبنان، سيجعل لبنان أكثر تماسكاً في مواجهة أي خطورة يحملها هذا الملف في المستقبل، وستتوحد كلمة لبنان حياله، لأنه وفقاً للمصادر الديبلوماسية المعنية كلما كان الموقف الداخلي اللبناني موحداً، كان مستوى التجاوب الدولي مع مطالب لبنان كبيراً. مع أن الدول تريد أن يبقى وضع لبنان مستقراً، لكي يبقى اللاجئون فيه الى حين حل الأزمة السورية واتضاح صورة الموقف. إجراءات الحكومة اللبنانية حتى الآن مفيدة في عدم ازدياد أعداد السوريين اللاجئين، لكن إزاحة العبء السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي يتركونه من مسؤولية الحكم ككل.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، بأن ليس هناك من أجواء دولية مؤاتية للتفاهم على مناطق آمنة للاجئين السوريين داخل سوريا، مع أن العديد من المسؤولين اللبنانيين يفكرون في ضرورة إعادتهم الى مناطق آمنة داخل بلادهم، وأن المناطق السورية كلها ليست واقعة تحت القصف والتدمير والقتل. وذلك على سبيل الانتهاء من عبء اللاجئين.
كما يفكر بعض هؤلاء بالتنسيق مع الحكومة السورية من باب إعادتهم الى المناطق حيث لا حرب فيها.
وتسأل المصادر، كيف يمكن إعادتهم، وليس هناك من مناطق أمنية دولية، أي محمية دولياً؟ وكيف يمكن إعادتهم من دون تنسيق مع النظام؟ إذ إن التنسيق بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية معدوم أصلاً. وكيف يمكن أن تنسق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية في مناخ دولي لا ينسق مع حكومة النظام، لا بل يقاطعها. النظام يريد من الحكومة اللبنانية التنسيق معه. ولا يتوقع لهذه الحكومة ولا للحكومة المقبلة أن تنسق مع النظام. التنسيق مع النظام يؤدي الى مشكلة دولية للبنان والى مشكلة داخلية، لا سيما أن أفرقاء فاعلين لا يريدون هذا التنسيق، ورئيس مجلس الوزراء أياً يكن، لا يتحمل مسألة التنسيق على عاتقه اضافة الى موقف قيادات معارضة لذلك في قوى 14 آذار، والمجتمع الدولي المقاطع للنظام. حتى إن أي تنسيق عبر السفارة السورية في لبنان، غير مقبول دولياً لأنه تنسيق مع النظام، فضلاً عن أن الغرب يتهم هذه السفارة بأن لديها سجناً وأماكن تعذيب، وانها تعتقل معارضين سوريين داخل لبنان وتسجنهم وتعذبهم.
والغرب يعتبر انه لولا الروس، لكان النظام قد انتهى دوره منذ صيف 2015.
وليس هناك من وجه للمقارنة بين عدد اللاجئين السوريين في لبنان لا سيما نسبة الى المواطنين، وأعدادهم في أوروبا نسبة الى السكان الأصليين. ففي لبنان نحو مليوني لاجئ سوري، ومواطنوه نحو 4,5 ملايين لبناني. بينما هناك 500 مليون أوروبي وإلتزمت الدول بـ360 ألفاً. لكن لدى الأوروبيين عملياً نحو مليون لاجئ سوري. ولم يكن هؤلاء اللاجئون في أوروبا متهمين بالإرهاب والتفجيرات التي حصلت بل ان من قام بالعمليات هم فرنسيون وبلجيك ومعظمهم يعودون من سوريا للقيام بتلك الأعمال في بلدانهم الأوروبية، على غرار ما كان يحصل في أفغانستان. وهؤلاء غير مندمجين في أوروبا، الى أن أثّرت فيهم إيديولوجيا تنظيم «داعش».
اللاجئون السوريون سيبقون في لبنان وهو عبء سيمتد أقله لعشر سنين، لأن الأزمة السورية ستمتد، بحسب مصادر ديبلوماسية لعشر سنين على الأقل، ما يحتّم على الحكومة الجديدة إعداد خطط لمعالجة الأمر وتدارك انعكاساته.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك