عقدة الحقائب كما هي معروضة على الجماهير الغفورة لا تقنع اللبنانيين كثيراً أو قليلاً. لا السياسييّن فيهم، ولا النشامى، ولا العادييّن. ولا يقنعهم، تحديداً، هذا الاختلاف الدونيكشوتي على حقيبة الداخليَّة.
في اعتقادهم أن هناك ما هو أعمق وأعظم، وربما أبعد من متانة منزلة الجنرال ميشال عون لدى "حزب الله" ودمشق فطهران.
وعندهم أنه لا يُعقل ان يكون الجنرال آخر مَنْ يعلم، فألف حاشى وكلاّ.
وإن كان في الامكان فصل التأخير في التأليف عن التطوَّرات التي انفجرت فجأة في سوريا، إلا أن من المتعذّر القول أو حتى الافتراض أنَّ لا علاقة ولا علم لدمشق وحلفائها اللبنانييّن بالتعثَّر المبهم والغامض... في التأليف والتلحين والتشكيل.
ثمة لغز في الأمر "مشرور" على هذه الاحتمالات والدروب، ولأسباب مختلفة. وثمة سرّ وكلمة سرّ، كما يجزم "الخبراء" و"الاستراتيجيّون". وفي هذا المثلث، وبين أطرافه.
فالتصعيد المحموم الذي يقوده "بعضهم" في وجه الرئيس نجيب ميقاتي، والتهديد بالانتقال الى المطالبة بالاعتذار والتنحّي، يفتح القابلية والشهيَّة على الإبحار في استنتاجات شتّى، لا يخلو منها جميعها دور أركان في 8 آذار، الى دور رئيسي عَبْر الحدود. وربما الى رغبة في أزمة أكبر وأخطر.
الواقع اللبناني، الوضع السياسي، الانقسامات على المستوى الطوائفي، النفوذ الإقليمي داخل السيبة اللبنانيّة، الدور السلبي جداً والشخصاني جداً والمعرِقل والمعطّل جداً، ذلك كلّه على بعضه يؤدّي الى المحصلة السلبيّة التي تحاصر الرئيس المكلَّف، وتجعله يدور هو والبلد والتشكيلة في شبه دائرة وهميّة.
مما يعزِّز الرأي القائل بان وراء أكمة 8 آذار ما وراءها، وأن ثمة ما لم يعد من السهل تجاهله على صعيد الفراغ والتعطيل والشلل، وسط منطقة لا يحتاج التعريف عن ثوراتها الغاضبة وأعاصيرها الجامحة الى أكثر من متابعة التلفزة العربيَّة والدوليّة.
الدنيا العربيَّة مشتعلة حول لبنان الذي له في كل عرس قرص وفي كل أزمة عربيّة حصَّة، والعواصف لم تعد بعيدة من نموذجه، وصيغته، ونظامه، وتعدّديته، وعما جعل البابا يوحنا بولس الثاني يسمِّي هذه الجغرافيا المبعثرة "الوطن الرسالة".
وهذا بديهي، وواضح للغاية، وللعيّان. والهتافات التي بدأت شوارع وساحات في المدن السوريّة تضجُّ بها، قد لا تبقى بعيدة عن مسامع اللبنانييّن والأراضي اللبنانية، إن لم يتحرَّك بعض العقلاء والحكماء عاجلاً وسريعاً، مستدركين ما قد يصبح لاحقاً مثل القضاء والقدر.
لا، ليست قصة جنرال واستحلى. ولا هي قصّة عناد وتقويم كلام. وبعيدة من حقيبة الداخليّة على أهميتها.. لتصير قريبة من أزمة حكم مفتوحة على كل المخاطر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك