في غمرة الإنشغال اللبناني بتشكيل الحكومة العتيدة، بدأت الرسائل الامنية التي تحمل دلالات متعددة وخطيرة تتدفق على الساحة اللبنانية من عاصمة البقاع زحلة، فبعد "الفراغ السياسي" دخلنا على ما يبدو مرحلة "الفراغ الامني" الذي تتربص به أكثر من جهة لاستغلاله وربما لتحويل لبنان الى ساحة مواجهة من خلال توجيه الرسائل المختلفة.
ولكن ما هي خلفية هذا "الفراغ الامني" وما هو تأثيره على حياة المواطنين وعلى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وما هو رأي فريقي النزاع في لبنان بهذه الاحداث الخطيرة؟
الوضع الأمني خرج عن السيطرة
إيلي من سكان منطقة سد البوشرية، يشير إلى أن الاحداث الامنية الاخيرة لم تؤثر عليه شخصياً ولم تخلق وضعاً جديدا بالنسبة اليه، فهو مؤمن أنه "لما بدي موت رح موت بانفجار او بأي سبب اخر". لكنه يلفت في حديث لـ"النشرة" إلى أنّ المشكلة هي بالاهل وعند والدته بالتحديد لأن الاحداث الاخيرة تركت لديها مخاوف جديدة خصوصاً بعد الانفجار الذي استهدف كنيسة السيدة في زحلة، ويؤكد مخاوفه على الاحباء خصوصاً وان الوضع الامني على ما يبدو بدأ يخرج عن سيطرة القوى الامنية.
ويحمّل الحكومة الحالية المسؤولية عما يجري، لافتا الى انه "كنا نعتقد ان موجة الانفجارات قد إنتهت لكن على ما يبدو فهي لم تنته"، وبالنسبة له "المشكلة الاساسية هي انه حتى الساعة لم يتم التوصل الى أي خيط يؤدي الى كشف من يقف وراء هذه الاحداث".
ومن جهتها تتخوف ملاك وهي من سكان الضاحية الجنوبية، من توسع دائرة الاحداث الامنية في لبنان، معتبرة ان "الامر قد يؤدي الى احداث ومواجهات خطيرة تعيدنا سنوات طويلة الى الوراء".
وتعتبر ان "الساحة اللبنانية مخترقة من العديد من الشبكات الامنية المختلفة التي تتبع لجهات خارجية مما يؤكد ضعف الاجهزة الامنية التي تحتاج إلى تعزيز دورها لحماية المواطنين والاستقرار"، وتشدد ملاك على ان "استهداف الكنيسة في زحلة محاولة لزعزعة الاستقرار والوضع الامني أكثر مما هو مزعزع بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي"، كما تعتبر أنه "محاولة لخلق فتنة داخلية في ظل الانقسام السياسي القائم بين فريقي النزاع في لبنان".
ماروني: على القوى الامنية حسم الموقف وكشف حقائق الاحداث الامنية للرأي العام
في حديث لـ"النشرة" يلفت عضو كتلة "الكتائب" النائب ايلي ماروني الى ان الاحداث الامنية الاخيرة في منطقة زحلة والبقاع بالغة الخطورة، ويربط بين حادثة استهداف كنيسة السيدة للسريان الارثوذكس في زحلة وخطف السواح الاستونيين السبعة، معتبرا ان الحادثة الاولى هي رسالة الى المسيحيين من جهات عديدة، أما الثانية فهي برأيه على قدر كبير من الخطورة لانها تؤثر على الوضع العام وعلى الاستقرار في لبنان، لافتا الى ان هناك بعض الدول الاوروبية التي بدأت تحظر رعاياها من السفر الى لبنان.
ورداً على سؤال، يوضح ماروني ان "الامن من المفترض ان يكون ممسوكا سياسياً وغياب الحكومة يؤثر سلباً على الاوضاع الامنية في البلاد"، لكنه يشدد على انه على القوى الامنية حسم الموقف وكشف الحقائق للرأي العام.
ويسأل ماروني ان كانت هذه الاحداث مرتبطة بما يجري في بعض الدول المجاورة وخاصة في سوريا للتغطية عما يجري فيها ومقدمة لنقل الاحداث الى لبنان وخلق فتنة.
الاعور: المطلوب تعزيز الاجهزة الامنية واسرائيل قد تكون وراء الاحداث الامنية
ومن جهته يعتبر عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب فادي الاعور ان المنطقة العربية تعيش ازمات عديدة ولبنان ليس بعيدا عن هذه الاجواء وما يجري يندرج في سياق الوضع العام، لكنه يلفت الى انه لكل مسألة خصوصيتها.
وعن استهداف كنيسة السيدة في زحلة يشدد الاعور في حديث لـ"النشرة" على ان استهداف الكنيسة امر بالغ الخطورة لانه يؤثر على الوضع في لبنان بشكل عام، معتبرا ان الامر يندرج في اطار مشروع يهدف الى خلق فتنة ولا يمكن استبعاد ان تكون اسرائيل وراء ذلك.
ويشدد على ان المطلوب تفعيل الاجهزة الامنية المرتبطة بوزارة الداخلية لتأخذ دورها في كشف من يقف وراء هذه الاعمال التخريبية واطلاع الرأي العام على النتائج.
نقيب اصحاب الفنادق: عدم الاستقرار السياسي يؤدي لضرر كبير على الاقتصاد فكيف اذا كان أمنيا؟
أما عن تأثير هذه الاحداث على الاوضاع الاقتصادية في لبنان وعلى القطاع السياحي بشكل خاص، فيلفت نقيب اصحاب الفنادق في لبنان بيار الاشقر الى ان حالة عدم الاستقرار السياسي تؤدي الى ضرر كبير على الوضع الاقتصادي والسياحي فكيف اذا كان الامر غياب الاستقرار الأمني.
ويشدد على انه على "المسؤولين السياسيين والامنين مسؤولية كبيرة في هذا الاطار لان الامور مرتبطة بلقمة عيش المواطن وبالاقتصاد والنمو وبالاستثمارات"، لافتا الى ان لبنان لديه امكانيات كبيرة تحتاج إلى استقرار، ومؤكدا ان التصريحات والخطابات السياسية المتشنجة مضرة جداً بالوضع الاقتصادي في البلد. قد يكون الامر الاول الذي من المفترض ان نبحث عنه هو: من هي الجهة التي تقف وراء هذه الاحداث وما هي الاهداف والدوافع التي تقف خلفها؟ لكن من المفترض الإشارة الى ان المسؤولين السياسيين في لبنان يتحملون الجزء الاكبر من المسؤولية بسبب توتيرهم للاجواء السياسية وفتح الباب امام العابثين بالامن لاستغلال هذا الوضع.
والمطلوب اليوم، التهدئة ودعم الأجهزة الامنية في تحقيقها من دون ان يحاول كل فريق استغلال أمن المواطنين لتسجيل بعض النقاط الرخيصة على حساب الفريق الاخر على أمل ان تكشف الحقيقة بأسرع وقت ممكن وأن لا تبقى هذه الاحداث ضمن خانة "مجهول الهوية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك