وجهت إسرائيل عبر صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية امس الاول اوضح تهديد حتى الآن بأنها اصبحت جاهزة لاستئناف الحرب على لبنان، وحددت اهدافها المباشرة وعددها نحو 930 هدفاً مختلفاً لحزب الله تتوزع بين جنوبي نهر الليطاني وشماله، حسبما هو وارد في الخريطة الجوية المنشورة للمرة الاولى كجزء من حملة استباقية تهدف الى تفادي الانتقاد الدولي المحتمل لضرب مثل هذه الأهداف، التي تقع كما يبدو في الرصد الاسرائيلي قرب مراكز سكنية.
في العادة، التهديد بالحرب لا يشعلها بل يستبعدها ويسعى الى تجنبها. واللجوء الى صحيفة «واشنطن بوست» يشبه طلب الاستفسار من الأميركيين عما اذا كان الوقت قد حان لتصفية الحساب الجاري مع لبنان. لكنه ليس سؤالاً لبنانياً فقط، بل هو سؤال عربي وإيراني تحديداً، لا تملك حتى ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما رداً عليه، ويمكن ان تدرجه في خانة محاولات الابتزاز الاسرائيلية التي تضخم الأخطار المحيطة من اجل ان تحقق مكاسب داخلية مالية او سياسية او حتى دعائية.
السؤال مطروح في تل ابيب وواشنطن، وفي غيرهما من العواصم العربية والإقليمية المعنية بالجبهة اللبنانية واستخداماتها المتعددة. منذ مدة شرع الإسرائيليون في الحديث عن أن الظرف السياسي بات مناسباً لتوجيه ضربة جديدة الى حزب الله، بعد توسع نفوذه الداخلي اثر الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، ما يزيد من رصيد سوريا وإيران. لكن الثورات العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين، ارجأت ذلك النقاش النظري، بناءً على نصيحة اميركية اقتنع بها الإسرائيليون بسرعة تنص على أن أي حرب يمكن أن تشاغب على الرقابة الأميركية الدقيقة لتلك الثورات وجدول اعمالها المحلي. وكان هذا التقدير يشمل قطاع غزة، الذي اكتشفت بعض تنظيماته الحاجة الى اختبار قدراتها الصاروخية في عز الاضطرابات في العواصم العربية.
لكن بلوغ العاصفة الى سوريا، ادخل تعديلاً جديداً على ذلك النقاش الأميركي الإسرائيلي، حيث جادل الإسرائيليون اكثر من مرة في الأسبوعين الماضيين بأن الحرب على جبهتهم الشمالية تقترب، وهي تنتظر ساعة الصفر التي يفترض ان تحددها اسرائيل بنفسها قبل ان تضطر الى الانجرار وراء قرار يتخذه حزب الله او اي حليف سوري آخر بإشعال شرارة الحرب في الجنوب اللبناني، لصرف الانظار عن الازمة الداخلية التي يواجهها النظام في دمشق.. وهي ازمة يمكن ان تتصاعد ليصبح الاشتباك المباشر مع القوات الاسرائيلية مخرجها الوحيد، ولتصير الحرب الشاملة التي سبق الحديث عنها مراراً في الأعوام الخمسة الماضية هي خيار الجميع من دون استثناء.
لم يتأثر لبنان بعد بالثورات العربية، كما انه لم يدفع ضريبتها. لكن تاريخه الحديث والقديم يؤكد ان من القوانين الثابتة في العالم العربي ان كل ثورة عربية، لا يمكن ان تدّعي النجاح الا اذا مرت في شوارع بيروت، واذا تركت آثارها الظاهرة على الجسد اللبناني.. الذي يراقبه الاسرائيليون اكثر من اي وقت مضى لمعرفة مدى تفاعله مع ما يجري في دمشق تحديداً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك