ناشد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، المجتمع الدولي والجهات المانحة، "دعم الخطط والإستراتيجيات والإصلاحات للنهوض مجدداً في قطاع المياه وبكل القطاعات الأخرى، وتحقيق التنمية المستدامة والعيش الكريم للشعب اللبناني مجدداً".
وقال خلال تلاوته البيان الوطني الرسمي في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في نيويورك :"أود في البداية أن أتوجه بالشكر والتهنئة باسم الوفد اللبناني الى الدولتين اللتين ترأسان هذه الفعالية، أي طاجكستان وهولندا، وأتمنى لهما ولنا جميعا التوفيق في النصف الثاني القادم من تطبيق الأهداف الموضوعة لبرنامج المياه من أجل التنمية المستدامة. نجتمع اليوم في رحاب هذا الصرح الذي يجمع كل أمم الأرض على اختلاف مشاربها وعاداتها وسياساتها، للتأكيد أن المياه، بدل أن تكون سببا للنزاعات بين الدول والشعوب، يجب أن تتحول حافزا لنشر السلام والتعاون بين البشر وأداة للتنمية المستدامة، لأنه لا حدود تحجبها ولا حروب تمنعها ولا إحتلال يحرم من يستحقها".
وتابع: "يمر العالم اليوم بأزمات متعددة ومتتالية وذات أشكال مختلفة ومترابطة تمتد من الطابع الصحي لتصل الى الطابع المناخي مرورا بالطاقة والغذاء والبيئة، وهي تؤثر بشكل خاص على الدول النامية وتحد من قدراتها على الصمود وتلبية حاجات شعوبها في العيش الكريم. ولا يخفى على أحد أن هذه الأزمات، إضافة الى التحديات العسكرية والأمنية والحروب التي طرأت في خلال السنوات القليلة الماضية، قد بدأت تؤثر أيضا على إقتصاديات الدول المتقدمة وهو ما سينعكس حتما على قدرتها وأولوياتها في الالتزام بتعهداتها التمويلية لبرامج التنمية والمساعدات للبلدان النامية".
واعلن ان "الزيادة المطردة لأعداد السكان والتطور العمراني والحضري الكبير، إضافة الى التغير المناخي والإحتباس الحراري والتصحر قد حدوا كثيرا من سهولة الوصول الى المياه النظيفة والآمنة، وهنا نشدد بإسم الدولة اللبنانية وكعضو في مجموعة ال77 على ضرورة إلتزام المجتمع الدولي العمل على مساعدة الدول النامية الرازحة تحت وطأة الأزمات، كالمديونية المرتفعة وانعدام الامن الغذائي، عبر تمويل دولي ميسر يخصص لدعم المشاريع الإستثمارية في قطاع المياه والصرف الصحي ولتنفيذ برامج الدعم التقني وبناء القدرات والإنتقال نحو التكنولوجيا الصديقة للبيئة وصولا الى الإدارة المتكاملة والحوكمة الرشيدة للقطاع، لأنه، وبغياب هذه المساعدات، لن يتمكن عدد كبير من هذه الدول من تحقيق أهداف التنمية التي وضعتها الأمم المتحدة وخاصة الهدف السادس المتعلق بالمياه".
وأضاف: "يدعو الوفد اللبناني الى جعل المياه العابرة للحدود بأشكالها المختلفة كالأنهر والمياه الجوفية، أداة سلام وتكامل، وليس وسيلة ضغط وإبتزاز بين الدول، أو ذريعة للحرب وهدفا للأطماع، ولا سبيل لتطبيق هذا المبدأ السامي سوى بالإحتكام الى الشرعية الدولية والقوانين التي ترعى تقاسم المياه العابرة للحدود. وفي هذا السياق نؤكد حق لبنان في الإستفادة من كامل حصته في الأنهر والمياه الجوفية العابرة لحدوده والتي يمنحه اياها القانون الدولي"، واشار إلى أنّ "اللجوء الى إستغلال المياه غير التقليدية ،كتحلية المياه على سبيل المثال، لتلبية حاجات السكان وقطاعات الإنتاج يجب، برأينا، أن يكون الملاذ الأخير لبلداننا، إذ أن هذا الخيار يجب أن يكون خلاصة لدراسات علمية ومالية دقيقة تبين الجدوى الإقتصادية له وتشير الى مدى الحاجة الى إعتماده في ظل إنعدام القدرة على اللجوء الى الموارد التقليدية للمياه".
وقال: "بدءاً من العام 2011، أدت مشكلة النازحين السوريين الذين تعدوا في وقت قصير الـ30% من مجمل عدد السكان والذين أضيفوا الى اللاجئين الفلسطينيين الى عجز مؤسسات الدولة وبناها التحتية على مواجهة المتطلبات الكبيرة لهذا العدد الهائل من السكان. وقد ناشدت الدولة اللبنانية المجتمع الدولي في مناسبات عدة القيام بواجباته، اولا عبر تأمين عودة آمنة للنازحين واللاجئين الى بلدانهم ومساعدتهم في مجتمعاتهم، وثانيا، وبإنتظار تحقيق ذلك، دعم الحكومة اللبنانية في مواجهة هذه الأزمة عبر تأمين الرعاية للنازحين وتحسين شروط عيشهم من جهة، ووضع البرامج الإنمائية ودعم المشاريع الإستثمارية للمجتمعات المضيفة من جهة أخرى، لما يشكله هذا الدعم المزدوج من عدالة وإحتضان ويجنب المجتمعات الإحتكاكات والنزاعات الناجمة عن التنافس على الموارد وأهمها المياه".
واعلن أنّ "لبنان قد اعد إستراتيجية وطنية لقطاع المياه والصرف الصحي قبل مشكلة النزوح السوري ، لكن هذه الإستراتيجية وغيرها من الخطط في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول،تعرضت لنكسة كبيرة جراء النزوح السوري الذي لا يمكن لأي بلد في العالم إرتقاب مفاعيله في أية استراتيجية يعدها ، ولا يمكن لأي وطن تحمل تداعياته. فتخيلوا أن يكون بلد مثل فرنسا مستعد لإستقبال 20 مليون نازح أو كالولايات المتحدة الأميركية مستعد لإستقبال 100 مليون نازح. وما فاقم الوضع وزاده سوءا، هو الأزمة الإقتصادية والمالية الهائلة التي ألمت بلبنان نتيجة سنوات من الفساد والإقتصاد الريعي وأضيفت مشكلة النزوح، ما أدى الى شلل كامل للإقتصاد وتوقف لكل المشاريع الإستثمارية وعجز لدى مؤسسات الدولة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين ، ومن أهم هذه المؤسسات، المؤسسات العامة للمياه حيث وصلت ساعات التغذية الأسبوعية من المياه الى 8 ساعات جراء الإنقطاع الدائم للكهرباء".
واضاف:"في مواجهة هذا الواقع، أعدت وزارة الطاقة والمياه نسخة جديدة للإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه والصرف الصحي ضمنتها خطة خمسية للنهوض المستدام بقطاع المياه وخطة طوارئ على المدى المنظور، لتأمين سلامة الوصول الى المياه السليمة للمواطنين بالحد الأدنى، وعرضتها على الجهات الدولية المانحة طلبا للدعم. لكن المجتمع الدولي بدا غير متحمس لتقديم الدعم المطلوب وتوقف التمويل الإستثماري لجميع المشاريع الإستراتيجية التي كنا قد بدأنا بتنفيذها أو انتهينا من تلزيمها او أعددنا دراساتها، كمشاريع السدود وأبرزها سد الذي يغذي ما يزيد عن 1،6 مليون شخص من سكان العاصمة بيروت ومشاريع الصرف الصحي في بيروت ومناطق لبنانية عديدة".
وختم: "ان لبنان الذي يعد اليوم مثالا للبلدان التي حرمتها الظروف الدولية من تحقيق الإدارة المتكاملة قي قطاع المياه عبر إعتماد إستراتيجية وطنية تقارب جوانب القطاع كافة، ونموذجا للبلدان التي عانت من الأطماع والحروب على مياهها، وتعرضت بناها التحتية للدمار بسبب هذه الحروب وبسبب أزمات النزوح واللجوء وأصبحت مؤسساتها على شفير الإنهيار والتحلل بسبب الأزمات الإقتصادية والمالية، يتوجه من هذا المنبر الى المجتمع الدولي والجهات المانحة عارضا جميع الخطط والإستراتيجيات والإصلاحات الواجب دعمها، للنهوض مجددا بقطاع المياه وبكل القطاعات الأخرى وتحقيق التنمية المستدامة والعيش الكريم للشعب اللبناني مجددا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك