رأى وزير الخارجية الأسبق فارس بويز، انه "ما من عهد في تاريخ لبنان كان اضعف من العهد الحالي"، معتبرا أن "تصريحات وزير الأزمة جورج قرداحي بحق دول الخليج العربي على خلفية الحرب في اليمن، خطأ جسيم رتب على لبنان مسؤوليات كبيرة، وبما ان تصريحه اتى قبل تأليف الحكومة، بدا وكأنه تقديم أوراق اعتماد مسبقة لتوزيره في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لكن في واقع الأمر، ان الأزمة أكبر وأبعد من تصريح قرداحي، فهناك نظرة للبنان في كل الدول العربية والغربية، انه دولة واقعة تحت سيطرة حزب الله، وأن نفوذ هذا الحزب تجاوز الخطوط الحمر ليشمل غالبية القطاعات والمؤسسات الدستورية، هذا الواقع، مادام الحزب يتدخل في حرب اليمن والحرب السورية، وضع لبنان في خانة العداء للعرب، ولو لم يكن لبنان الدولة هو المسؤول المباشر عن تصرفات حزب الله، وهنا تكمن أعماق الأزمة".
وأعرب بويز في حديث لـ"الأنباء" الكويتية، عن اعتقاده ان "الأزمة مع دول الخليج العربي، لن تعالج ما لم يتأكد للمجتمعين العربي والدولي، ان النهج السياسي في لبنان قد لفحته متغيرات حسية وملموسة، وانه قد أصبح هناك دولة حقيقية، وحكومة مستقلة فاعلة استعادت شرعيتها وحررت قرارها، لكننا اليوم أمام مشهد مختلف تماما، فحزب الله توسع داخل الدولة اللبنانية نتيجة الصفقة الرئاسية، إذ وبدلا من ان يستفيد الرئيس ميشال عون من تحالفه مع حزب الله في تعزيز القدرة الدفاعية للبنان، وبدلا من ان يوظف هذا التحالف في تعزيز مؤسسات الدولة، أعطى الحزب كل ما تبقى من الدولة المفككة، وما تصريحات قرداحي وقبله وزير الخارجية السابق شربل وهبة، سوى تعبير صادق عن هذه الحالة".
وعليه أكد بويز ان "تعاطي السلطة في لبنان مع هذه الأزمة، يتم بلا مسؤولية مطلقة كاملة الأوصاف والمواصفات، بمعنى ان اللعبة السياسية بين أهل الحكم، هي لعبة مصالح ذاتية ومناورات سياسية سخيفة، ولا أحد منهم لديه خطة للخروج من الأزمة، ولا يملك حتى الإرادة الحرة في النظر الى مستقبل البلاد وسلامة علاقاتها مع الأسرتين العربية والدولية، الكل يقطف ما أمكنه ظرفيا وآنيا"، معربا بالتالي عن خشيته من ان يؤدي "نهج السلطة العقيم في مقاربة الأزمة مع دول الخليج، الى تدفيع الشعب اللبناني الثمن غاليا، خصوصا ان في لعبة الدول، تتغلب المصالح السياسية والقومية على الاعتبارات الإنسانية والعاطفية".
وانطلاقا مما تقدم، عاد بويز ليسلط الضوء على أساس المشكلة، وهي ان "انتخاب أي رئيس جمهورية على أساس انه الأقوى في طائفته، لا يعني على الإطلاق انه الأقوى في وطنه، فالرئيس شهاب على سبيل المثال، كان الأضعف في طائفته إنما الأقوى في وطنه، بينما غيره من الرؤساء كان شعبيا في طائفته، لكنه فشل فشلا ذريعا في قيادة السفينة اللبنانية، وساق البلاد إلى الثورة والانهيار".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك