على وقع انطلاق عجلة العمل الحكومي وتفعيل عمل المؤسسات بعد وقت طويل من الركود والفراغ الإداري، ستشهد جلسة مجلس الوزراء المقبلة إنجاز جزء من التعيينات العسكرية لاسيما في قيادة الجيش، وفق ما أشارت مصادر مطلعة إلى جريدة "الأنباء" الإلكترونية.
وفي هذا الإطار، لفت رئيس الجمهورية الرئيس جوزاف عون إلى أن "ما نسعى اليه في المرحلة المقبلة هو أن يكون الأكفاء في المراكز التي يستحقونها، بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية"، لافتا إلى أن "لدينا فائض من الكفايات في لبنان، وعلينا أن نحسن توظيفها".
ومن ناحية أخرى، أكد الرئيس عون أن "الإصلاحات مطلب لبناني قبل أن تكون مطلباً دولياً، لأننا نريد إصلاح بيتنا الداخلي"، مشدداً على أن "الإصلاح يبدأ بتغيير العقلية والاعتماد على القضاء".
سلام .. إما ننجح، أو!
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة القاضي نواف سلام أن هناك مرحلة جديدة أمام البلد، محذراً بقوله "فإما ننجح، وإما سيكون وضعنا أصعب مما هو عليه الآن"، وأعرب عن ثقته "بأن هذه الفرصة تحمل الكثير رغم صعوبة الوضع نتيجة الأزمة المالية، وتداعيات العدوان الإسرائيلي وكلفة إعادة الاعمار التي لم تكن في الحسبان".
كلام الرئيس سلام جاء خلال رعايته حفل إفطار أقامته رابطة آل سلام غروب أمس، إذ اعتبر ان الإنقاذ يتطلب مجموعة من الإصلاحات الأساسية، مشيراً إلى أن ورشة إصلاح كبيرة بدأت على مختلف الاصعدة لأن الإنقاذ يتطلب مجموعة من الإصلاحات الأساسية، "كما اننا أقرب إلى مرحلة إعادة بناء الدولة على صعيد المؤسسات والادارات، والقيام بورشة إصلاحات مالية اقتصادية كبيرة، لنتمكن من جلب الاستثمارات، فزمن الهبات الذي كان يرد إلى لبنان ولى، ويمكن الان جلب الاستثمارات التي يلزمها قضاء نظيف ومستقل وهذه ورشة كبيرة"، على حد تعبيره.
الجنوب والحدود مع سوريا
الأوضاع في الجنوب كانت إحدى المحاور التي بحثها أمس عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور مع الرئيس جوزاف عون، حيث جرى تناول التطورات على الحدود الشمالية والشرقية، بالإضافة إلى المستجدات السياسية الأخيرة.
الموازنة والبرنامج الإصلاحي
كذلك، حلت الأوضاع المالية وبرنامج وزارة المالية الإصلاحي خلال زيارة عضو كتلة اللقاء الديمقراطي ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبدالله إلى وزير المالية ياسين جابر، كما تم تناول معالجة مسألة الموازنة التي أقرت بمرسوم وبعض البنود الواردة فيها.
وفي سياق متصل، أشار نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، في حديث صحافي إلى أنه "في موازنة 2025 رسوم وغرامات مجحفة بحق اللبنانيين. ولذلك، هذا الأسبوع سيقدم وزير المال ياسين جابر إلى الحكومة مشروع قانون جديداً إضافياً بخفض هذه الرسوم لتصبح أقل قساوة على المواطنين".
قسد والإدارة الجديدة يتفقان
ومع عودة الانتظام إلى عمل المؤسسات في لبنان، على الرغم من التحديات الكبيرة على مختلف الصُعد والاستحقاقات التي لا تُعد ولا تحصى، المشهد على الساحل السوري مغاير حتى الآن ويتسم بالخطورة، إذ أن ما يحصل بخلفياته والهدف منه، يشي بمحاولة خلق معادلة جديدة أو تطور جذري، ليس فقط في سوريا إنما في المنطقة.
ووسط هذه التحديات، شكّل التوصل إلى اتفاق دمج "قوات سوريا الديمقراطية" - قسد - في مؤسسات الدولة في سوريا خرقاً في جدار التطورات المتسارعة، إذ وصفه المراقبون "بمدخل جد مهم لتعزيز وتوّسع حضور سلطة الإدارة السورية في مناطق خارج سيطرتها".
وقّع الاتفاق الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، كما جاء في بيان صادر عن الرئاسة السورية، بحيث سيجري دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
ومن ناحية أخرى وفي معرض تعليقه على الأحداث الأمنية على الساحل السوري، رفض الشرع الكشف عن هوية المتورطين في عمليات القتل، معتبراً في حديث لوكالة "رويترز" أن الأحداث التي تحصل في سوريا ستؤثر على المسيرة، واعداً بالمحاسبة "حتى لو كان أقرب الناس إلينا"، على حد تعبيره.
ومن ناحية أخرى، وصف الشرع ادعاءات العدو الإسرائيلي بأن سلطته تشكل تهديداً، واصفاً ما يقوله بـ "كلام فارغ".
تقاطع مصالح
وحول الأحداث الأمنية في الساحل السوري، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور وليد صافي في حديث الى جريدة "الأنباء" الإلكترونية أن المشهد السياسي الذي شهدناه في الساحل السوري لا يمكن فصله عمّا يجري في جنوب سوريا، معتبراً أنه "مشهد واحد".
ووضع صافي ما يحصل في خانة تقاطع المصالح بين إسرائيل وإيران، إذ أن إسرائيل تهدف إلى تقسيم سوريا من بوابة الجنوب السوري، وإيران تحاول العودة الى سوريا من نافذة الساحل السوري بعدما خرجت من الباب.
إلى ذلك، يطرح صافي جملة من الأسئلة، "هل هي صدفة أن يختبئ رئيس وزراء العدو الإسرائيلي وراء حماية الدروز في سوريا وهو الذي يهدف إلى تقسيم سوريا إلى أربع دول، ويتوافق مع ما يحصل في الساحل السوري من أحدث أمنية كبيرة؟ وهل هي صدفة أن تقوم قوات مؤلفة من بقايا فلول النظام السوري، خصوصاً ضباط الفرقة الرابعة وينّظموا أنفسهم بهذا الشكل الكبير، فيهاجمون أكثر من خمسين نقطة أمنية للأمن العام للنظام الجديد في سوريا؟.
"لا أعتقد أن كل ذلك صدفة"، يقول صافي، مشيراً إلى أن "هناك ترابطاً في كل ذلك، إذ أن المشهد السياسي واحد، حتى لو كان للإسرائيلي والإيراني أهدافه"، معتبراً أن "هناك تقاطع مصالح بين الطرفين".
ولفت صافي إلى أن "الحكومة الإسرائيلية واليمين المتطرف فيها يستعدون للحرب ويعلنون ذلك، كما أنهم يريدون تقسيم سوريا". وبالمقابل، يتوقع صافي أن الهدف الإيراني إدخال سوريا في الفوضى والحرب الأهلية تمكّن إيران من العودة إلى الساحة السورية، لا سيما أنها لم تستوعب إلى الآن خروجها من سوريا"، معيداً ذلك إلى أن "سوريا هي مرتكز جغرافي مهم من أجل النفوذ الإيراني في شرق المتوسط، وأيضاً لم تستوعب ضرب مكانتها ومشروعها، وتوسيع النفوذ والتمركز في شرق المتوسط، لذلك تحاول استغلال بعض الأوضاع الاجتماعية في الساحل السوري وضباط الفرقة الرابعة الذين كانوا يتاجرون في التهريب على الحدود اللبنانية السورية ويتاجرون بالكبتاجون، هم اليوم يلعبون دور حصان طروادة في المشروع".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك