تزداد صعوبة الأوضاع الإنسانية وطأة على سكان قطاع غزة الذين مُنعت عنهم المساعدات منذ 10 أيام بعد تشديد الحصار الإسرائيلي من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم إغلاقاً كاملاً ومنع دخول أي مساعدات، سواء كانت غذائية أو طبية أو غيرها.
وزادت الأسعار وشحَّت المواد الأساسية، وبات معظم السكان يعتمدون في إفطارهم الرمضاني على طعام نباتي يخلو من أي نوع من اللحوم، وقد لا تتوافر لهم وجبة سحور.
ومما زاد الأمر سوءاً ذلك القرار الذي أعلنه وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بوقف إمداد غزة بالكهرباء، وهو ما يُوقف بدوره تشغيل محطة المياه المركزية الوحيدة وسط غزة.
وقالت نسمة داود (39 عاماً)، وهي من سكان حي الكرامة بشمال مدينة غزة، إن أسعار بعض أصناف الخُضَر تزيد يومياً بمقدار شيقل أو اثنين (الدولار يساوي 3.65 شيقل)، مشيرةً إلى أن هذا يزيد العبء على كاهل المواطنين الذين يتدبرون حالهم بصعوبة لعدم توفر وظائف أو سيولة.
وتحدثت السيدة إلى «الشرق الأوسط» عن وجود نقص واضح في المواد الغذائية، وارتفاع أسعار سلع أساسية مثل الطحين (الدقيق) والسكر وغيرهما. هذا إضافة إلى عناء توفير مياه صالحة للشرب.
وقال سمير العريني (53 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إن بعض الأصناف اختفت فعلياً، منها المجمدات التي يزيد عليها الطلب عادة في شهر رمضان، مشيراً إلى أن استمرار إغلاق المعابر يؤشر لإمكانية عودة المجاعة تدريجياً إلى القطاع.
وأضاف أن السكان يبحثون عن بدائل للتغلب على أزمات الطعام، مثل طهي الأرز دون أي نوع من اللحوم الحمراء أو الدواجن، وطهي خضروات يأخذونها من الأرض مباشرةً مثل الملوخية والخبيزة وغيرهما من أغذية اعتاد السكان على تناولها في الأزمات، هذا إن أمكن أصلاً الوصول لأراضٍ تُزرع فيها.
أما أدهم الحناوي (24 عاماً)، وهو من سكان حي الشيخ رضوان، فقال إن الأزمات اشتدت أكثر في الأيام الثلاثة الأخيرة مع استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم.
وأضاف أن السكان كانوا يأملون أن يستمر فتح المعابر، وأن يحصلوا على طعامهم يومياً بطريقة سهلة «لكن يبدو أن كل شيء في قطاع غزة صعب جداً حتى الحصول على وجبة طعام واحدة، تماماً مثل الصعوبات التي نواجهها في الحصول على المياه الصالحة للشرب، أو الوقوف في طوابير المخابز للحصول على ربطة واحدة يومياً تكاد لا تكفي وجبة الإفطار في شهر رمضان».
الغذاء أداة سياسية
قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، مساء الاثنين، إن قرار إسرائيل حظر دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية إلى قطاع غزة يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين «الذين لم يرتاحوا إلا لفترة قصيرة من الحرب الوحشية»، مؤكداً أن الوضع الآن مشابه للوضع الذي ساد في بداية الحرب في تشرين الأول 2023.
وأضاف في حديث للصحافيين من جنيف، عقب إحاطة ألقاها أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أن وقف إطلاق النار أثبت أنه «متى كانت هناك إرادة سياسية، أمكن دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق ودون انقطاع»، مشيراً إلى أن المساعدات الإنسانية زادت عشرة أضعاف قبل القرار الإسرائيلي بوقف دخولها.
وتابع: «إذا أقدمت على إغلاق جميع المعابر، فإنك تخلق حالةً تستخدم فيها المساعدات الأساسية والغذاء أداة لتحقيق هدف سياسي أو عسكري، وهو ما يتعارض مع أي معيار إنساني دولي».
وقالت حركة «حماس»، في بيان، إن إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية يزيدان من معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، ويشكلان خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على تسهيل دخول المساعدات دون قيود.
ولفتت إلى أن منع دخول الغذاء والدواء والوقود والمواد الإغاثية الأساسية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص حاد في المستلزمات الطبية، مما فاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.
وطالبت الحركة الوسطاء بالضغط على إسرائيل كي تلتزم بتعهداتها وتفتح المعابر فوراً «لضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإنهاء سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها».
وأعربت «حماس» عن إدانتها استخدام المساعدات «ورقة ابتزاز سياسي».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك