صحيح أن ما قبل ثورة 17 تشرين الأول يختلف عما بعدها، فهذا القول ينطبق على الوعي والاستنفار في صفوف المواطنين الرافضين بقاء المسؤولين في مناصبهم والمطالبين باقتلاع الفساد المتجذر في هيكلية الدولة للنهوض بها. لكن الأزمة الاقتصادية والنقدية وتحديداً أزمة الدولار لا تزال على ما هي عليه، متهددةً قطاعات توفّر لقمة عيش المواطن وحاجاته الحيوية اليومية، ومنها حاجته إلى الطبابة والاستشفاء. فنداءات المستشفيات المتكررة ومستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية أظهرت أنه لا حياة لمن ينادي.
من هنا، دق نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون ناقوس الخطر، لافتاً لـ"المركزية" إلى ان المشكلة الكبيرة تكمن في نفاد الأجهزة والمستلزمات الطبية "لان المصارف لا تفتح اعتمادات لمستورديها، في حين أن الاستيراد متوقف حالياً، علماً ان تزويد المستشفيات بالأجهزة والمستلزمات يعتمد على الاستيراد من الخارج بنسبة 100%"، موضحاً أن "هذا العجز يعود إلى سببين: الأول عدم تسديد المستشفيات الفواتير للمستوردين، لأن الدولة لا تسدد مستحقاتها. أما الثاني، فهو عدم فتح المصارف الاعتمادات للخارج، لذا في حال تسديد المستشفيات المبالغ المترتبة عليها يبقى المستوردون عاجزين عن اتمام نشاطهم".
وشدد هارون على "ضرورة عدم ربط هذه الأزمة باي تحرك في الشارع، ولا يمكن بالتالي تحميل المتظاهرين ارتداداتها لأنها تجلت قبل الاعتصامات، ونبّهنا لها منذ أشهر، حتى وصلنا إلى حائط مسدود"، مؤكدا أن "الاستمرار على هذا المنوال سيؤدي إلى نفاد الأجهزة والمستلزمات المتوافرة من المستودعات كونها تكفي شهراً واحداً كحد أقصى في حين أن مدة الاستيراد تتراوح بين شهرين وثلاثة "، متخوفا من "الوصول إلى فراغ تفقد فيها كليا من البلد، إذ إن النقص في بعضها قد يؤدي إلى وفاة المريض مثل الفلاتر المستخدمة لغسيل الكلى، الروسورات لتوسيع شرايين القلب، خيطان غرف العمليات... وحينها نكون وقعنا في الكارثة".
وأسف "لعدم استجابة المعنيين لنداءاتنا طوال الأشهر السابقة، اليوم بتنا أمام ساعة الحقيقة، وكل شخص يجب أن يقف أمام مسؤولياته، على الدولة أن تدفع المستحقات للمستشفيات كي تتمكن بدورها من الدفع للمستوردين وكذلك يجب تأمين الدولار لهؤلاء على غرار القطاعات الأخرى".
أما عن سير عمل المستشفيات في ظل قطع الطرقات فأشار هارون إلى أن "حتى الآن ما من مشكلة في مختلف المناطق. اتخذنا الترتيبات اللازمة بالنسبة إلى الموظفين ومسلّمي المستلزمات الطبية والأدوية، وفي المناطق التي تشهد اقفالاً للطرقات يتم التسليم في ساعات الليل قبل قطعها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك