تسير العلاقة بين حزب "القوات اللبنانية" و"تيار المردة" بخطى متأنية وثابتة نحو تحقيق مصالحة، وتقول مصادر "القوات اللبنانية" ان الهدف الأساسي منها هو طي صفحة الماضي، على غرار ما أنجزته مع "التيار الوطني الحر"، بعيداً عن أي مواضيع سياسية وانتخابية آنية.
وفيما يبدو ان هذه المصالحة محكومة بسقف معين، اذ تنسحب على بعض الملفات التي يتفق عليها وزراء الطرفين في الحكومة، مثل موقفهما من صفقة استجرار الطاقة الكهربائية او ملفات معيشية أخرى، الا انها تتوقف عند عناوين سيادية يقف فيها الحزبان المسيحيان على طرفي نقيض أبرزها العلاقة مع النظام السوري والموقف من سلاح "حزب الله".
وتقول مصادر "القوات" ان المسألة الأساس في موضوع المصالحة مع "المردة" هو طي صفحة الماضي وتحويل العلاقة بينهما إلى علاقة طبيعية. وتنفي المصادر وجود سقف سياسي للتفاهم بينها وبين "المردة" بالرغم من تأكيدها بأنهما مختلفان حول أمور تتصل بـ"حزب الله" وبدور لبنان الخارجي وبموضوع العلاقة مع النظام السوري، لكنها تلفت الى ان الطرفين حيدا ملفات الخلافات لعزل تأثيرها على طبيعة العلاقة بينهما.
تفاهمات متأرجحة
وفي مسار العلاقات والتجاذبات بين الأحزاب المسيحية مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، يبدو انه كلما تقدمت "القوات" خطوة الى الأمام مع "المردة" تراجعت خطوتين الى الوراء مع "التيار الوطني الحر". فهل سيؤثر تفاهمها المرتقب مع حزب النائب سليمان فرنجية على تحالفها مع شريكها (العوني) في ورقة التفاهم الذي تعرض لارتجاجات كثيرة مؤخراً، باتت تتطلب أكثر من تطمينات إعلامية؟، لا سيما بعد التصريحات الأخيرة لرئيس "التيار" وزير الخارجية جبران باسيل التي أنكر فيها دور "القوات" في إيصال ميشال عون الى الرئاسة.
مصادر "القوات" تقول انها تتعامل مع ملفين منفصلين، معللة ذلك بأنه يمكن لأي فريق سياسي ان يبرم مجموعة تفاهمات دفعة واحدة ويكون لكل تفاهم طبيعته وظروفه واعتباراته، "لم نتفق مع "التيار الوطني الحر" بوجه "الكتائب" و"المردة"، كما اننا لا نسعى للتفاهم مع المردة كي نختلف مع "التيار الوطني الحر".
تطويق باسيل
ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وإعلان حزب "القوات" تباعا عن مرشحيه في المناطق اللبنانية، استجد الحديث عن سعي حزبي المردة والقوات إلى تحالف انتخابي يهدف الى تطويق رئيس التيار جبران باسيل في منطقة الشمال وعرقلة طموحه الرئاسي كونه أحد الأقوياء المرشحين لخلافة عون. الا ان مصادر "القوات" تنفي ان يكون هدف التقارب مع "المردة" مصالح انتخابية، وتجزم انها لم تتطرق الى موضوع الانتخابات في لقاءاتها، "فالمصالحة تتجاوز مواضيع سياسية آنية، ومن المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية. فـ"القوات" لم تحسم حتى الآن تحالفاتها".
الماضي والحرب
وعما اذا كان اتهام النائب سليمان فرنجية لـ"القوات" وتحديدا لرئيسها سمير جعجع باغتيال والده طوني فرنجية (مجزرة إهدن 1978)، يقف حائلاً دون انجاز هذه المصالحة، تقول المصادر القواتية ان المصالحة في جوهرها تعني طي صفحة الماضي، لافتة ان النائب فرنجية يعرف تماما كيف نفذت العملية، ومن هي القوى التي سهلت تنفيذها، وماذا كانت ظروفها وكيف اتخذ القرار. فالحرب لم يرتكبها طرف واحد، وأي اتهام لفئة لبنانية في ملف معين، يقابله اتهام لفئات بملفات أخرى.
معراب - بنشعي
عن المسار الذي وصلت اليه المفاوضات بين الحزبين المتنافسين تاريخيا وهل اصبحا على مقربة من توقيع وثيقة تفاهم تتوج بلقاء يجمع فرنجية وجعجع مهدت له زيارات متبادلة لقياديين ووزراء من الحزبين الى بنشعي، ومعراب، تقول مصادر "القوات" ان اللقاء يمكن ان يحصل في أي لحظة ولكنه غير مطروح على أجندة الطرفين اليوم، كما انه من الصعوبة بمكان توقيع وثيقة تفاهم. ذلك أن الخلاف بوجهات النظر حول المسائل البنيوية واسع. ولكن "القوات" تحرص على الإشارة ان ما يحكم العلاقة بين "القوات" و"المردة" اليوم هو اتفاق ودي وتراكم ثقة بمعزل عن أهمية توقيع التفاهم، وهذا ما يعمل اليوم على توسيعه باتجاه ان يخدم المصلحة الوطنية اللبنانية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك