هل تغرق احلام الديموقراطية التي اطلقتها الثورة المصرية في زواريب محافظة قنا، أو بالأحرى في "زنقة قنا" على طريقة القذافي؟
هذا السؤال يزداد إلحاحاً مع اتساع الاحتقان الطائفي بين المسلمين والاقباط، الذي بدا لوهلة أن الثورة تجاوزته في خلال مشهدياتها الاندماجية في ميدان التحرير. لكن ها هي الأمور تعود سريعاً الى أسوأ مما كانت عليه، في غياب حزم السلطة الذي كان حاضراً أيام مبارك. هذا يعني أن الصراع الطائفي بين المسلمين المتشددين والأقباط قد يفتح ثغرة كبيرة في خاصرة الثورة ويعرقل الانتقال الى ديموقراطية تحقق المساواة بين المواطنين.
بدأت الاضطرابات في محافظة قنا بعدما عين المجلس العسكري قبطياً يدعى عماد مخايل ليحل محل المحافظ السابق الذي كان قبطياً أيضاً ويدعى مجدي أيوب. وقبل ستة أيام قامت قيامة المسلمين في المحافظة، حيث تم قطع الطرق وإيقاف حركة القطارات وشلّ الحياة بشكل كامل. ومع ذلك بدا أن المجلس العسكري وحكومة عصام شرف يتعاملان ببطء وضعف لوقف هذه الأعمال التي قد تشعل فتنة تشيع الفوضى في البلاد.
الأدباء المصريون أصدروا بياناً ندد بما يجري وقال: "قاد الإخوان المسلمون حركة الاعتراض بالتعاون مع السلفيين والآن تركوا الساحة بعد إشعال الموقف للسلفيين والبلطجية وبعض أعضاء الحزب الوطني المنحل".
في غضون ذلك سقط قتيلان وخمسة جرحى في محافظة المنيا بسبب ثلاثة مطبات وضعها محام قبطي أمام منزله، فطالبه الأهالي بإزالتها، ولما لم يفعل أزالوها بالقوة، فنشبت مناوشات مسلحة بين الأقباط والمسلمين كادت أن تتطور لتصبح فتنة واسعة.
كل هذا في وقت يبدو المجلس العسكري وكأنه لا يدري الى أين يمكن أن تقود هذه الأحداث البغيضة، التي تهدد الثورة وتدفع بمصر نحو تعميم "ثقافة العصيان" وما تؤدي إليه من انهيار كامل لهيبة القانون.
لقد كان واضحاً تماماً منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني وسقوط النظام أن ليس هناك من نظام بديل ديموقراطي، وأن التنظيم الوحيد الحاضر ليملأ الفراغ هو تنظيم "الإخوان المسلمين". والآن عندما تقول التعليقات المصرية إن الفتنة الطائفية تضرب على أيدي "الإخوان" والسلفيين، فإن ذلك يعني أن الثورة بدأت تعلق وتتعثر، وأن الأحلام الزهرية التي راودت الشباب المصريين في ميدان التحرير قد لا تصل الى مقاصدها ومرتجاها في إقامة دولة مدنية وديموقراطية.
من الملائم أن نتذكر أن الاستفتاء على الدستور المصري أبقى المادة الثانية كما هي:
"مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع "بما يعني أن الأقباط يبقون مواطنين من الدرجة الثانية... وهنا تبدأ زنقة الديموقراطية في مصر!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك