جاء في "المركزية":
دخلت الازمة الدبلوماسية بين الدول الخليجية ولبنان نفقا ضيقا لا تعرف بيروت لا طوله، ولا النهاية التي سيقودها اليها. أهل الحكم، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، قرّروا عدم المبادرة الى ايجاد حلّ بأنفسهم، وتركّ التحدي هذا للوسطاء العرب والدوليين.
في هذا السياق، تتجه الانظار الى ما يمكن ان يفعله كل من الفرنسيين والاميركيين والقطريين والكويتيين والمصريين. ففيما لم تحمل محادثات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع قادة دول العالم في غلاسكو، وابرزها اجراها مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس ووزير خارجية الولايات المتحدة انتوني بلينكن اليوم، أيَ جديد، ولم يخرج اي منها بحلّ واضح المعالم للمأزق الوليد، أكّد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، لميقاتي أنه "سيوفد وزير الخارجية القطري إلى بيروت قريباً، للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان، ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة، ولا سيما معالجة الأزمة اللبنانية ـــ الخليجية". كذلك التقى ميقاتي رئيس مجلس الوزراء الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، في اسكتلندا، حيث أكّد الصباح "حرص بلاده على لبنان، وسعيها المستمر لدعمه في كل المجالات، وفي الوقت ذاته حرصها على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي"، مشيراً إلى أن"لبنان قادر بحكمته على معالجة أي مشكلة، أو ثغرة، وسيجد كل الدعم المطلوب من الكويت وسائر الدول العربية".
هذه الجهات تبدي اذا استعدادا للتدخل، الا انه، قطعا، ليس استعدادا "مجانيا" لحلّ الازمة على طريقة "تبويس اللحى"، تتابع المصادر. فإذا لم تلمس نية جدية لبنانية بمعالجة السبب الفعلي للأزمة، عنينا استسلام الدولة لارادة حزب الله، لن تُقدم على اي خطوة في اتجاه بيروت. فهل المنظومة مستعدة لتنازل كهذا؟
حتى الساعة، المؤشرات لا توحي بذلك، حتى ان الحزب وحلفاءه يبدون غير راضين بفكرة التخلي عن الوزير جورج قرداحي او الموافقة على استقالته. والخشية كبيرة، تتابع المصادر، من ان يكون الاشتباك المستجد بين بيروت والدول الخليجية، سيتحوّل الى ورقة من اوراق الاشتباك الاقليمي الايراني - السعودي في المنطقة، بحيث لا يُسوَّى الا مقابل ثمن "اقليمي" يتقاضاه المحور الايراني في ملف آخر. فربط القضية هذه بالقضايا الاقليمية الملتهبة وتحويلها الى كباش غير مباشر بين السعوديين والايرانيين، عبءٌ ثقيل جدا لن يتمكّن لبنان من تحمّله، وسيكسر ظهره ويقضي عليه وعلى حكومته.
فوفق المصادر، ميقاتي حتى اللحظة، لا يرغب بالاستقالة لادراكه مخاطرَها اقتصاديا وامنيا وسياسيا و"انتخابيا" ايضا، الا ان ابقاء القطيعة هذه بلا علاج، مع كل ما قد يستتبعها من اجراءات موجعة للبنانيين، ستكون له التداعيات الوخيمة عينها على حكومته والبلاد. فاذا تمكّنت حكومته من استئناف نشاطها وجلساتها، ايُ دعمٍ يمكن ان يأتيها من صندوق النقد الدولي او من الجهات المانحة، بينما تشكّل الدول العربية والخليجية عصبَها ونواتها، وهي باتت تشترط اليوم خروجَ "الدولة" من تحت هيمنة الحزب، لتتعاطى معها؟ وبحسب المصادر، حتى لو دعم الغرب خيار بقاء الحكومة، فإن نجاحها في رفع التحديات الاقتصادية والمالية، بات صعبا لا بل صعبا جدا.. فهل يقرر ميقاتي مراعاة رعاة حكومته أم يراعي "انتماءه العربي" ويذهب نحو الاستقالة؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك