نفذ أساتذة الجامعة اللبنانية اعتصاما أمام وزارة التربية، للمطالبة بإقرار تفرغهم، تحدث خلاله الدكتور بشار اسماعيل باسم المتعاقدين، فقال: "مؤلم جدا أن نكون اليوم هنا بدلا من أن نكون في صفوفنا وبين طلابنا لنطلق عاما جامعيا جديدا. ومؤلم أيضا أن نضطر إلى الاعتصام لنذكر المسؤولين بإنقاذ جامعة الوطن التي باتت عاجزة عن الاستمرار في ظل لامبالاة المسؤولين والقيمين عليها".
أضاف: "أيها المسؤولون، كيف يمكن لجامعة تضم مئة ألف طالب وموظف وأستاذ أن تستمر بموازنة زهيدة، في ظل أزمة تلتهم الأخضر واليابس. وكيف يمكن للجامعة أن تستمر والمسؤولون يشاهدون نزف أدمغتها وهجرة كوادرها ولا يحركون ساكنا لتعزيز صمودهم. وفوق ذلك كله، كيف يمكن أن تستمر الجامعة وقد أضحت تقوم على أكتاف أساتذة متعاقدين باتوا يشكلون أكثر من 70 في المئة من كادرها التعليمي. هؤلاء يعملون في ظروف تشكل وصمة عار على جبين الدولة وحكوماتها المتعاقبة التي لم تنصفهم. وكيف يعقل أن يرضى المسؤولون بعمل أستاذ جامعي مقابل راتب زهيد يدفع مرة كل سنة ومن دون أي تقديمات صحية أو منح مدرسية أو بدل نقل.
لقد صبر الأساتذة المتعاقدون كثيرا، وضحوا واستمروا يقدمون من اللحم الحي لكي تبقى الجامعة".
وتابع: "مرت ولاية كاملة على رئاسة الجامعة وأربع حكومات، ولم يبصر فيها التفرغ النور. فماذا تنتظرون؟ لقد شبعنا وعودا عرقوبية وكلاما زئبقيا، وشبعنا تسويفا ومماطلة، و مللنا الأوراق والمستندات واللجان، وسئمنا تقاذف ملف تفرغنا ذهابا وإيابا بين إدارة الجامعة ووزارة التربية مع الوعود الخادعة بحتمية التفرغ".
وقال: "اليوم، وبعد سنوات من الصبر والتضحيات، تداعى متعاقدو الجامعة اللبنانية إلى التصويت على مصيرهم ومستقبلهم، وشاركوا بكثافة من كافة فروع الجامعة وكلياتها وقد أجمعوا في تصويتهم على ما يأتي: "المتعاقدون لن يعودوا إلى التعليم إلا بعد إقرار تفرغهم بشكل ناجز ونهائي". ونعد أبناءنا الطلاب بتعويضهم ما قد يضيع نتيجة تأخر السلطة في إقرار تفرغنا، ونحمل كل معني بالجامعة وملفاتها مسؤولية تأخير العام الجامعي الذي لن يبدأ إلا بعد إقرار التفرغ وتحقيق مطالب الأساتذة وتعزيز موازنة الجامعة و بحث سبل دعم موظفيها وطلابها".
واضاف: "وعليه، نتوجه إلى الرؤساء الثلاثة للعمل على حماية جامعة الوطن والتحضير لمؤتمر إنقاذي يشكل إقرار التفرغ العصب الرئيس له".
وتوجه الى وزير التربية بالقول: "أنتم تعلمون أن إنقاذ هذا البلد يبدأ من بوابة جامعته وأهلها وطلابها، فهم جيش الوطن الثاني ورواد تنميته وركيزة نهوضه. نتوجه إليكم، وأنتم أهل العدالة، ونثني على جهودكم لإنصافنا بإقرار التفرغ سريعا لتحدوا من نزف الكفاءات وتوقفوا مسلسل تدمير الجامعة".
وختم: "إن الجامعة اللبنانية اليوم في خطر وجودي محدق، ونحن هنا اليوم لنعلن أننا لن نسمح بانهيارها، وأن الجامعة التي تخرجنا فيها وعدنا إليها وحملناها على أكتافنا لا يمكن أن نسمح بسقوطها وسيظل حراكنا المطلبي مستمرا إلى أن يستجيب المسؤولون لمطالب الجامعة وأهلها وعلى رأسها إقرار تفرغ الأساتذة المتعاقدين".
ثم ألقى رئيس الهيئة التنفيدية لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور عامر حلاوني كلمة بالمناسبة، اعتبر فيها ان "الجامعة هي بمثابة العقل المفكر للمجتمع، ويقع على عاتقها مهام عظام، سواء في المجالات العلمية أو المهنية كما يقع على عاتقها مهمة النهوض بالمجتمع وتطويره. وعلاقة الجامعة بالأستاذ هي كعلاقة الجسد بالعقل. ونظرا لأهمية أستاذ الجامعة ومكانته ودوره الفعال في تحقيق أهداف الجامعة والتي هي التدريس الجيد والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وتزداد أهمية الأستاذ الجامعي في مجتمعه كلما ازدادت متطلبات الحياة العصرية في ظل المتغيرات العلمية المتسارعة، لأن الأستاذ يعتبر قائد المجتمع بقدراته ومهاراته العلمية ومقوماته الشخصية التي تمكنه من تربية أجيال فيدخلهم الى معترك الثورة العلمية والتكنولوجية والانفجار المعرفي بما يتناسب ومتغيرات العصر".
وقال: "بناء على ذلك، فإنه ليس من الطبيعي لمجتمع سوي يفكر في مستقبله أن يهمل الأستاذ الجامعي ويضعه في الدرك الأسفل من مدارج المجتمع"، متسائلا: "أيعقل أن نجعل الأستاذ الجامعي الذي هو الواجهة الحضارية للبلد في أدنى سلم أولوياتنا. أليس من المعيب أن نجعل أساتذة الجامعة يقفون في الطريق يستجدون أبسط الحقوق، حق العيش بكرامة. تحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي لأستاذ الجامعة اللبنانية أمر لا مفر منه لحماية وتحصين هذه الجامعة وحماية دورها. أيعقل أن نتعاقد مع حملة الدكتوراه من أرقى جامعات العالم ثم ندفع لهم فتاتا بدل أتعابهم لا تفيهم حقهم ولا تغنيهم من جوع".
اضاف: "لقد آن الأوان لتفرغ الأساتذة المتعاقدين، فالجامعة بحاجة ملحة اليهم وقد أدى الإنهيار المالي الذي حصل في البلد ويأسهم من قرب الفرج الى هجرة العديد منهم. الجامعة بحاجة اليهم اليوم وقد خسرت أشخاصا منهم لا يعوضون. لم يعد لدينا ترف الوقت فنحن نسابق الزمن في هذا المجال. آن الأوان لأن يدخل الأساتذة المتفرغون الى الملاك ليشعروا بانتمائهم الكامل لجامعتهم وليشعروا بالأمان الوظيفي وإن لم يعد وللأسف أي أمان في هذا البلد".
وتابع: "العار كل العار يكمن في أولئك الأساتذة الذين خدموا الجامعة سنوات طوال ثم بلغوا سن التقاعد دون أن يدخلوا الى الملاك فوجدوا أنفسهم دون معاش تقاعدي ودون ضمان صحي. وكانت قد جرت العادة على أن يدخلهم مجلس الوزراء الى الملاك تلقائيا وقد تقدم بعض النواب باقتراح قانون لحفظ حقهم بدخول الملاك فأقر الإقتراح في لجنة التربية وما زلنا ننتظر منذ أشهر طويلة عرضه على لجنة الإدارة والعدل".
وتوجه الى وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي طالبا منه بأن "يجعل الجامعة اللبنانية نصب عينيه وأن يخصص لها الوقت الذي تستحق، فمشاكل الجامعة كثيرة وباتت مزمنة ولكن بالإرادة والحكمة اللتين يتصف بهما ليس من الصعب تجاوزها وايجاد الحل لها. تستحق هذه المؤسسة الوطنية الكبيرة منك ومن الحكومة كل العناية والرعاية".
وقال: "لقد أعلنا آسفين عن عدم قدرة الأساتذة بالظروف الراهنة العودة الى التعليم في الجامعة، ونرجو من طلابنا الأحباء الذين ليس لدينا أغلى منهم أن يتفهموا بأن الدفاع عن كرامة الأستاذ الجامعي انما هو دفاع عن الجامعة وكرامتها وديمومتها وحسن سيرها وعن كرامة المتعلمين والمثقفين في هذا البلد، ونرجو أن يقفوا معنا في معركتنا هذه، لأن في اتحادنا قوة وتاريخيا لم يتحقق مطلب من مطالب الجامعة الا بنضال أهلها وعلى رأسهم الطلاب".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك