ألقى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض الكلمة الرئيسة في افتتاح قمة الطاقات العالمية الرفيعة المستوى، جسّد فيها القطاع اللبناني للطاقة كموضوع رئيسي في المؤتمر مسلطًا الضوء على فرص الاستثمار في القطاع في ظل الإنجازات التي تم تحقيقها.
وعلى عكس التوقعات بانحسار صناعة النفط والغاز التقليدية، قدّم فياض حججًا قوية للتأكيد على أهمية استمرار هذه الموارد في ضوء النمو السكاني والاقتصادي غير المسبوق في العالم بالتوازي مع الدور الرائد للطاقة المتجددة وأهمية الانتقال الطاقوي.
وكشف فياض النقاب عن الفرص في قطاع الطاقة في لبنان، مؤكدًا موقع البلاد كلاعب رئيسي في مجال الطاقة والانتقال إلى الطاقة المتجددة، معلنًا عن نقطة تحوُّل تاريخي يعيشه لبنان الآن ويقوم على ثلاثة مرتكزات رئيسة وهي الاطار القانوني القوي، الاستقرار الجيوسياسي، والاصلاح الاقتصادي التجاري.
أولاً، أوضح أن الإطار القانوني لقطاع النفط والغاز في البحر في لبنان قوي حيث يوفّر الوضوح والاستقرار والرؤيوية للمستثمرين، اذ إنه أناط بهيئة أدارة قطاع البترول ادارته والاشراف على الأنشطة البترولية ومراقبتها مما يحمي هذا النشاط والمستثمرين فيه من واقع عدم الاستقرار السياسي. و أردف أن هذا الاطار القانوني يشمل قوانين ومراسيم الاستكشاف والإنتاج ومرسوم تحديد عشرة رقع بحرية للاستكشاف في المياه البحرية اللبنانية، موضحًا أن جميع الالتزامات والحقوق لشركائنا والمستثمرين في قطاع الطاقة في المياه البحرية اللبنانية قد تم تضمينها في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج. وقال فياض إن هذا الاطار جذب تحالفًا من أكبر الشركات العالمية، بما في ذلك TotalEnergies وENI وحديثًا Qatar Energy للاستثمار والتعاون مع لبنان في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج للرقعة 4 في الوسط و الرقعة 9 على الحدود الجنوبية. كما كان قد جذب الاطار التشريعي 52 شركة طاقة إلى الجولة الأولى من التراخيص قبل ان تتراجع في ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي في السابق.
وقال فياض إن الركيزة الثانية للتحوُّل الذي نعيشه الآن هو الاستقرار الجيوسياسي المستجد الذي نجح لبنان من خلاله في إدارة المخاطر الجيوسياسية بنجاح، وهذا يرجع بشكل كبير إلى اتفاق الحدود البحرية التاريخي الذي تم التوصل إليه في تشرين الأول 2022 بقيادة الرئيس عون، مما رسّخ التزام الشركات العالمية الرئيسة بالاستثمار الفاعل في نشاط الاستكشاف بالبحر بعد فترة الركود، حيث أن نشاطات الحفر الجارية حالياً في الرقعة 9 تعتبر لحظة تحوّل لقطاع الغاز. واقتبس فياض عن مدير تنفيذي رئيسي في قطاع النفط والغاز، الذي قال له مباشرةً: "لديكم جاراً قويًا والذي يمكن أن يؤذي مصالحنا إذا لم تتمكنوا من ضمان أمان جهودنا"، معلنًا أنه "بفضل هذا الاستقرار الجيوسياسي لدينا الآن تحالف في رصيده ما يفوق الـ400 مليار دولار من الأصول يعمل معنا في لبنان. والأهم أنه خلال 30 يومًا قد نصل الى اكتشاف بترولي في الرقعة رقم 9".
وتابع فياض متحدثًا عن الركيزة الثالثة وهي الإصلاحات الاقتصادية والتجارية، حيث شهد قطاع الطاقة في لبنان تحولًا محوريّاً نقله من الدعم العشوائي المهدِّم للاقتصاد إلى صناعة مستدامة ممكِّنة لنهوضه. شملت الإصلاحات إزالة الدعم العشوائي عن المنتجات البترولية وذلك منذ بداية توليه المسؤولية في الحكومة في تشرين الأول 20٢١، مما أدى إلى توفير كبير لخزينة الدولة يصل الى ٤ مليار دولار من الوفر سنوياً. كما وللاهمية، أفسح هذا المجال لنمو قطاع الطاقة المتجددة وخصوصاً الشمسية والتي تتمتع بميزة تنافسية كبيرة مقارنة بالطاقة التقليدية من حيث كلفة الكهرباء. نتيجة لذلك، ارتفعت السعة الإجمالية للطاقة المتجددة من حوالى 100 ميغاواط تقريبًا في نهاية عام 2020 إلى حوالى 1000 ميغاواط في نهاية عام 2022، مما سجل معدل نمو قياسيًا من بين أعلى معدلات النمو في العالم.
وقال إن "الإصلاح الآخر البالغ الاهمية على المستوى الاقتصادي التجاري تمثّل بإصلاح قطاع الكهرباء بعد اكثر من ثلاثين عاماً من التأخير ساهم في الانهيار الاقتصادي، حيث قمنا بإعادة هيكلة التعرفة بما يسمح لمؤسسة كهرباء لبنا بتغطية التكلفة بالكامل بما في ذلك تكلفة التشغيل وكلفة الوقود وتأمين الكهرباء بمتوسط 26 سنتًا لكل كيلوات ساعة اي بأقل من نصف تكلفة الكهرباء المؤمَّنة من المولدات الخاصة. كما سمح ذلك لمؤسسة كهرباء لبنان بتفعيل برنامج نزع التعديات وتخفيض الهدر في الشبكة والبدء بزيادة التغذية وذلك بشكل ممرحل. اليوم، اصبحت مؤسسة اكثر استقلالاً، قوية و مليئة ماليّاً، تردف الدولة بالتدفق النقدي الايجابي بدل من تحميل خزينتها ما يقارب الملياري دولار سنوياً. وأخيراً وللاهمية، أصبحت المؤسسة اليوم في موقع الشريك القادر لاداء دور المشتري Offtaker لشراء الغاز من شركات الانتاج كحلف توتال انرجيز اليوم وغيرها مستقبلاً، بدءاً بحوالى ١.٦ مليار متر مكعب سنوياً لتغذية معاملها الاربعة لانتاج الكهرباء التي هي مؤهلة للعمل بالغاز كما بالفيول (الزهراني، دير عمار، الزوق والجية الحديثَين)، وصولاً الى ما يزيد عن ٢.٥ مليار متر مكعب سنوياً مستقبلاً بعد بناء معامل جديدة لتلبية الطلب على الكهرباء، حيث سيكون هذا الغاز وفي كل الظروف أوفر كلفةً من الفيول المستورد ومغطّى من ايرادات التعرفة. ونحن اذاً قد حققنا هدفين من خلال اصلاح قطاع الكهرباء، أحدهم وضع الكهرباء على مسار التحسن و النهوض والثاني خلق سوق محلي للغاز يؤمن للمستثمرين في الغاز مردوداً على استثمارهم وبالتالي يزيد من اهتمامهم في الاستثمار في هذا القطاع الواعد في لبنان، كما يزيد في الفُرص التجارية تمتّع لبنان بعلاقات وثيقة مع الدول الصديقة في حوض المتوسط كمصر وتركيا وغيرها من البلدان التي تعتبر محورا مركزيا لسوق الغاز".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك