انه مفترق طرق بين العوالم والكواكب اللبنانية، لا بل المجرّات.
فما تخالونه جسراً يربط بعض أطراف العاصمة اللبنانية بيروت انما هو في حقيقته أكثر من ذلك بكثير. هو موزّع مسالك ليس الا أو أشبه بإشارة سير تسمح بالمرور أو التوقف وفق توقيت "أولاد حارتنا" وفتاوى أحيائها.
هو ليس مجرّد جسر يطلّ على وسط بيروت ومنه على ذاكرة الزمن الجميل على خشبة شوشو وصدى "عجقة" أيام البرج وتزاحم الأسواق في عهد الخير والبركة، إنما هو متراس معلّق بين مشاريع كانت دائما اكبر من هموم الناس وطموحاتهم واحلامهم.
هو ليس مجرد جسر يأخذك الى شارع الحمرا للقاء صديق في احد المقاهي او شراء كتاب من احدى المكتبات، فقد يتحوّل بلحظة الى مؤامرة كونية أبطالها من نسج خيال كاتب ماهر.
هو ليس مجرد جسر يأخذك مع رفيقتك لتناول كأس في شارع مونو قبل قضاء بعض الوقت في الجميزة، فقد يغدو بلحظة ساحة صراع طبقي وحرب بالحجارة والعصي وتحطيم واجهات محال الاثرياء باسم وجع الفقراء.
هو ليس مجرد جسر يأخذك الى الظريف والخندق الغميق وغيرها من المناطق حيث الناس الطيبين، انما حقل اختبار ودرب الغام قد ينفجر متى ارتفعت الحرارة الطائفية عن المعدل الطبيعي لجسم هذا الوطن المريض.
ومن قال ان هذا الجسر يقودك الى مقر الدولة ومركز القرار، فهناك الطريق مقطوعة اصلا وقد لا تكفيك تصاريح ودعوات رسمية للعبور.
نعم انه ليس جسرا يمكن دعوة رسامي العالم اليه لتلوينه، وعشاق الارض لأخذ قبلة عليه لحظة غياب شمس بيروت، فهنا تكبر المحرمات ويغدو الحلم جنونا والحب جريمة والتلاقي انتحارا والوطنية انتحال صفة.
إنها صفّارة الرينغ يا سادة... فاحذروها جيدا ولا تعودوا الى قبائلكم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك