رغم التشكيك القائم والتأكيد المستمر، دخلت الحياة السياسية في لبنان مرحلة الإنتخابات فتراجعت الخلافات الحادة حول بعض الملفات، على وقع السعي لإرضاء الناس من خلال سلسلة من هنا وإصلاحات وشعارات من هناك. وما يؤكد بدء الإستعداد الإنتخابي هو تذليل الخلاف والتباعد بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وبين الرجلين مع الرئيس نبيه بري على خلفية الإنتخابات الرئاسية. وبالتالي قد نشأ توازن جديد داخل المعادلة اللبنانية بمعزل عن تطمينات الرئيس بري بأن لقاء كليمنصو ليس موجّهاً ضد أحد.
التوازن الجديد
وهذا التوازن الذي لا يمكن إنكاره هو في الواقع إعادة إحياء ثلاثية قديمة حكمت حقبتين لبنانيتين: الوصاية السورية وما بعدها. على رغم الإختلاف بين الحريري الأب (الرئيس الشهيد رفيق الحريري) والحريري الإبن، وبالتالي هذه العودة لن تمرّ مرور الكرام، حيث تبيّن أن مشكلة هذا الثلاثي ليست ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بل ضد رئيس التيار "الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، بحسب ما عبّرت عنه أوساط "وزارية"، التي رأت ايضاً أن مشكلة باسيل تمتدّ ايضاً الى الساحة المسيحية أي الى "القوات" من خلال تفاهم معراب، حيث يبدو جلياً أن خلط الأوراق قد بدأ على المستوى الداخلي: تحالفات وتوازنات.
التهدئة السياسية
وأوضحت الأوساط أن خلط الأوراق هذا، يقابله تهدئة سياسية حول معظم الملفات المطروحة، من أجل إفساح المجال أمام تحضير الواقع الإنتخابي: ترشيحاً وتعبئة واستنهاضاً للقواعد الشعبية.
وأضافت: صورة التحالفات الأولية ستتضح خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حيث أولى ملامحها ظهرت من خلال اللقاء الثلاثي، الذي له تأثيره على المشهد السياسي الوطني والإستحقاقات المستقبلية.
المعادلات وبيضة القبّان
ورداً على سؤال، أشارت المصادر الى أن معادلة الحريري - باسيل لم يُكتب لها العمر المديد، لأن ثلاثي الحريري - بري - جنبلاط بات بيضة القبّان الأساسية. وقالت: كان يفترض أن تكون المعادلة بين مَن هو مع العهد ومن هو ضده، لكن التعامل بالقطعة مع "القوات" و"أمل" و"الإشتراكي" وربما ايضاً مع "حزب الله" بالقطعة، دفع الى التحرّك، إذ بعد سنة على إنتخاب عون بات البلد أمام توازن جديد.
الثلاثية أطلّت مجدداً
وأضافت: الثلاثية التي اعتقد البعض أن إنتخاب عون قد قضى عليها إلا أنها أطلّت برأسها من جديد من خلال دور أساسي قام به رئيس مجلس النواب الذي يأبى إلا أن يكون محورياً داخل الحياة السياسية فنجح في أن يقرّب الحريري إليه والى جنبلاط أكثر من قربه الى عون وباسيل الذي لم ينجح في استيعاب رئيس المجلس والزعيم الدرزي.
وإذ لفتت المصادر الى أهمية علاقات بري والحريري الداخلية، ختمت: محورية الحياة السياسية في المرحلة المقبلة ستكون قائمة على هذه الثلاثية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك