وجّه الممثل السوري مكسيم خليل رسالة وطنية ووجدانية ضمّنها شعوره الداخلي حيال الانقسام النسبي بين "الموالاة" و"المعارضة" حول تشجيع منتخب سوريا لكرة القدم، خلال مشواره في تصفيات كأس العالم أخيراً، والذي انتهى بالخسارة امام استراليا بنتيجة 2-1.
وكتب خليل على صفحته الشخصية عبر موقع "فايسبوك" تحت عنوان "شيزفرونيا في حضرة العارضة"، في إشارة الى كرة ارتطمت بقائم مرمى منتخب استراليا، وكانت لتحوّل مجرى المباراة لو انها دخلت الشباك.
وأضاف معلقاً على صورة الكرة المرتطمة بالعارضة: "عنوان يحمل في جوانبه ذاك العبث الذي يتلاعب بِنَا تراجيدياً وكوميدياً بشقيها السوداوي والتهريجي. قد يسخف البعض العنوان وقد يغضب البعض الآخر. لكنني لم أكن اتخيل يوماً ان حدث ارتطام كرة في عارضة. سيجعلني ارتطم بعد سقوط حر دام سنوات. ارتطم بين جدران ضمائر منها من مات ومنها من يعتقد انه على قيد الحياة. حدث ما كان لينقصني حتى يكتمل ذاك الانفصام. ذاك الشرخ. ذاك الجنون.".
وتابع مكسيم بالقول: "بأجزاء من الثانية مرّ شريط حياة كاملة. رأيت نفسي واقفا على الشباك المطل على ارض الديار.. اهتف بين اهلي للبرازيل التي طالما مثلتنا في كأس العالم.. وانتصرنا وانهزمنا من خلالها.. مروراً بتلك الأيام التي كنّا نساند منتخبنا على امل تأهل لم يكن ليكتمل يوماً.. كان سريعاً جداً.. يحمل في داخله مشاعر متضاربة.. وأسئلة وجودية ممزوجةً بعناية إلهية يصعب على احد فهمها او حتى إدراكها.. تحمل حزنا غلفه فرح غلفه حزن غلفه فرح ليغلفه حزن.. وضميرا قتله اللاضمير ولاضميرا قتله ضمير.. تتلاحق فيه الانفاس وتتناسب عكسا مع ضربات قلب كاد يخرج من مكانه ببطء.. ليحملني الى نفق عبره كثيرون قبلي.. برغبة او بدون رغبة.. بذنب او بدون ذنب.. سواد قاتم لاينتهي.. لا بياض هنا.. ولا شيء سوى السواد ووقفت انتظر ذاك اللقاء.. لأعترف..".
وأردف خليل رسالته: "نعم اردتهم ان ينتصروا.. بكل سوريتي اردتهم ان يربحوا.. أردت سماع ذاك الهدير "سوريا .. سوريا" يعبر القارات بحنجرتي.. أردت لذلك الطفل العابر في تلك الشوارع ان ينتصر.. أردت للعائلة المتسمرة أمام الشاشة ان تنتصر... أردت لمن عاش سنوات من الفقر والخوف والذل ان ينتصر.. لذاك الموظف.. لذاك الفلاح... لذاك العامل.. يحق للشعوب ان تنتصر لشيء.. يحق للشعوب ان تفرح.. يحق للشعوب ان تعيش على امل ما.. يحق لنا ان نحقق حلماً ما... فكثيرون خسروا احلاماً.. يحق لنا.. نعم يحق لنا.. فدمي سوري.. دمي سوري.. دمي سوري..".
وأضاف: "ولذا اعترف انني خفت هذا الفوز.. نعم خفت ان يربحوا.. فتفرح دمشق على احزان وركام دير الزُّور وادلب وكل المدن السورية المنكوبة.. مدينة مدينة.. خفت ان يربحوا فيفرح أولائك الذين نسيوا زكي كورديللو وعدنان الزراعي وكل المغيّبين قسرا من فنانين ورياضيين وغيرهم ممن شاركتهم دمي وجيناتي وتاريخي.. خفت الشكر والشكور لراعٍ لم يعرف من الرعاية سوى العصى.. خفت الامتنان المتأصل في الجينات.. المقبل من فراغ العبث والمنتقل بعدوى الخوف.. فيحملنا الى ذاك السرداب الظالم الذي طالما اعتقلنا وفرقنا واستغل اي انتصار ليحوله لنصر الهي لحق فصل بمقاساتنا. ويعيدنا للصفر..".
وختم خليل: "لم أتمنَّ الفرح لسوريين تمنوا الموت لسوريين اخرين وزرعوا مدنهم بطاطا.. لم أودّ ان تؤرق هتافاتهم المترافقة بالالقاب والكنى.. تلك المقابر الجماعية وارواح مئات الالاف من اهلي في كل بقع وطن بات أهله يشجعون منتخبه من الغربة.. فدمي سوري.. دمي سوري... دمي سوري.. لأجل سوريتي أردت لهم الفوز.. لأجل سوريتي أردت لهم الهزيمة.. فاعذروا خيانتي أيها "السوريون".
"لها" - بتصرّف
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك