رغم كل "التطبيل" الحكومي لاقرار سلسلة الرتب والرواتب، فان كل الخبراء الاقتصاديين مجمعون على ان لا حلول للازمة الاقتصادية المتفاقمة، فالحلول ترقيعية، والخطط غائبة، والمجلس الاقتصادي الاجتماعي دوره معطل، وعمليات النهب متواصلة، والتلزيمات بالتراضي قائمة، ومليار و800 مليون دولار لبواخر الكهرباء ولا كهرباء، فيما كلفة المعمل الكهربائي الحديث لا يتجاوز المليار دولار؟ وهذه الخطوة ممنوعة.
السلطتان التنفيذية والتشريعية، اصيبتا بصدمة قرار المجلس الدستوري، وظهرا عاجزين ومربكين امام قراراته، التي كانت تؤدي الى ازمة حكومية، لولا "تسوية اللحظة الاخيرة" على الطريقة اللبنانية، ولولا المجلس الدستوري، وتحفظه على قرارات الحكومة والمجلس النيابي لاقرت ضرائب ظالمة بحق اللبنانيين، وكادت تطيح بكل ما ناله الموظفون من السلسلة.
110 مليارات دولار ديون على البلد، وما زال المواطن يدفع فاتورة الكهرباء فاتورتين، والمياه فاتورتين، والهاتف فاتورتين، ونصف عمره على الطرقات والنفايات ازمة مفتوحة وفساد اداري تجعل المواطن يكفر بكل شيء قبل انجاز معاملته، وبدون "البرطيل" لا يمر اي شيء والوظائف للمحيطين والازلام، والفئة الاولى في الدولة لكبار القوم، والذين "بقّوا الدم" لتعليم اولادهم ليس لهم خيار الا الهجرة، حتى في الجامعة اللبنانية الدخول الى الكليات العلمية يحتاج الى جواز مرور من الزعماء والقادة.
كل شيء يلفه الفساد في هذه الدولة، وروائح الهدر تفوح في كل المشاريع ولا احد يتحرك، لماذا مجلس الانماء والاعمار ووزارة الاشغال والصناديق والمؤسسات لانجاز المشاريع ذاتها؟ اين وزارة التصميم والتخطيط؟ اين الخطط الجدية والفعلية لازمات البلد؟ اين الخطة الاقتصادية؟ لماذا لا يشكل مجلس اقتصادي اعلى اسوة بمجلس الدفاع الاعلى؟
الازمات مفتوحة وكل السلطات تتحمل المسؤولية، ولا أحد ينكر على العهد في سنته الاولى الانجازات العسكرية والامنية في الحفاظ على الاستقرار وطرد "داعش"، وانجاز تعيينات اساسية، بالاضافة الى قانون للانتخابات وهذا أمر جيد، لكنه لا يكفي في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة، وغياب الاصلاح الاداري، والبلاد امام ثورة شعبية حقيقية، في ظل ازمة افق حلها مسدود نتيجة غياب الرؤية الواضحة، فالعلاج لا يكون على "القطعة" بل يخطط ثلاثية ورباعية وخماسية، وباستطاعة العهد برئاسة العمال ميشال عون وضع خطط خمسية جدية للخروج من الازمة.
وحسب خبراء اقتصاد المفروض اولا وضع خطة لمعالجة ازمة الديون وفوائدها المرتفعة التي تأكل 35% من موازنة الدولة، البلد غير قادر على الاستمرار في هذا النهج لان كرة النار ستنفجر بالجميع ودون رحمة لاي كان!
ابواب الهدر حسب الخبراء معروفة، فلماذا لا يبدأ "الاصلاح الحقيقي" في قطاعات اساسية؟ واذا أقفلت ابواب الهدر فان العجز سيتراجع والنمو سيتقدم، ولماذا لا يتم التفكير بخصخصة بعض القطاعات التي تكلف الدولة مليارات الدولارات من الخسائر.
السؤال ايضاً لماذا لا يتم اطلاق يد المؤسسات الرقابية من التفتيش المركزي، الى حماية المستهلك، الى مجلس الخدمة المدنية الى المجالس الرقابية الاخرى، لماذا لا يتم رفع اليد عن القضاء ووقف تدخل السياسيين، فمواطن يتوقف على شك بدون رصيد لا يتجاوز الـ500 دولار لسنوات، وكبار القوم يسرقون البلد ولا يحاسبون.
وحسب الخبراء، انجازات العهد في سنته الاولى لجهة تعاون الرؤساء وتخفيف حدة الصراع المذهبي واضحة لكنها ضاعت امام حجم الفساد، والبلد ظهر مفككا، امام ازمته الاخيرة وقرار المجلس الدستوري، ولولا الضغط لم يقر تصحيح الضرائب؟
ويضيف الخبراء اين الخطة الاقتصادية لدعم الصناعة اللبنانية التي تعاني مشاكل جمة بالاستيراد والتصدير، اين الخطط الزراعية؟ اين خطط التنمية؟ اين الاهتمام بالارياف؟ اين الخطط لوقف هجرة الشباب؟ اين الخطط لمواجهة انتشار المخدرات والسموم؟ اين الخطط لتأمين فرص العمل؟ والمطلوب عقد مؤتمر عام تشارك فيه المصارف والنقابات والدولة ورجال الاختصاص وخبراء محليون وخارجيون ووضع الحلول والا فالثورة الشعبية على الابواب؟
وفي ظل هذه المعمعة هناك اجماع على دور مصرف لبنان وسياساته الايجابية وحكمة الدكتور رياض سلامة في الحفاظ على الاستقرار النقدي وحماية الدخل ومنع الفوضى المالية التي دفع لبنان ثمنها في عهود سابقة.
والسؤال الاساسي، متى وكيف ستنجز الحلول للمشاكل الاقتصادية في ظل حكومة "مقسومة" حول كل شيء، سياسيا واقتصاديا، فالرئيس سعد الحريري اعلن بوضوح سياستين خارجيتين للبنان، وان حكومته مقسومة بين وزراء مع السعودية ووزراء مع سوريا وايران ومحور المقاومة؟ وانه ضد سياسات بعض وزرائه بزيارة دمشق والاجتماع مع المعلم، ومع زيارة وزراء ومسؤولين الى الرياض وهذا ما يطرح اشكالية كبرى "ما هي السياسة الخارجية للبنان"؟ فالطائف اقر بأن السياسة الخارجية يضعها مجلس الوزراء مجتمعاً، فكيف يعلن رئىس الحكومة انه مع السعودية ضد سوريا، فمن يقرر السياسة الخارجية للبنان، بعد ان تحولت الحكومة الى محورين متناقضين وكل محور وزاري يلتزم بسياسته الخارجية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك