في الخامس والعشرين من ايار عام الفين واربعة عشر غادر الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا، تاركا كرسي الرئاسة فارغا الى حين انتخاب رئيس جديد.
اليوم، وبعد سنتين ونصف السنة ما زال القصر مهجورا ولكن ليس لوقت طويل، فالسياسيون قرروا ان ينهوا صراعاً كاد يشل لبنان وجميعهم قدموا تنازلا ليملأوا الفراغ ويحموا المؤسسات.
قبل انتهاء ولاية سليمان بدأ البحث عن رئيس عتيد للجمهورية فكان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي راعيا لتفاهم مسيحي يجعل الاقطاب المسيحيين الاربعة عون-جعجع-فرنجية-الجميل مرشحين محتملين ومقبولين للرئاسة ومن ينال التأييد الاوسع يبارك له الاخرون، ومن هذا المنطلق بدأ السباق الرئاسي.
بين عون وفرنجية قرر الثامن من اذار تأييد عون فيما كان سمير جعجع مرشح الرابع عشر من اذار بعدما اعلن الرئيس سعد الحريري اولا تأييده، وبعد الفشل في تأمين نصاب جلسات انتخاب الرئيس عاش البلد دوامة تأجيل و تعطيل، الى ان صدم الحريري الخصم قبل الحليف بتأييد فرنجية وابلغه موقفه بلقاء جمع الاثنين في باريس اواخر 2015.
اللعبة السياسية اخذت منحى مختلفا بعدها، فرد جعجع على الحريري بالمصالحة المسيحية مؤيدا فيها الخصم انذاك ميشال عون كمرشح رئاسي، فبات الحلفاء خصوما رئاسيين والخصوم باتوا حلفاء.
جنبلاط الذي رشح من اليوم الاول هنري حلو، اكد بعد زيارة فرنجية له انه سيؤيد اي مرشح تواقفي ولم يعترض على تسمية فرنجية.
بري كان الداعم الاكبر لهذا الخيار، فيما اكد "حزب الله" ان فرنجية هو الحليف والصديق والاخ لكن عون يبقى المرشح الاول للحزب وهو وعد التزم الحزب به.
عندها حصرت المعركة الرئاسية بين فرنجية وعون مع رفض "الكتائب" تأييد اي منهما باعتبار انهما يمثلان توجه 8 اذار الذي يرفضه الكتائب، وكالمرات السابقة فشل النواب بتأمين نصاب جلسات انتخاب الرئيس لمرات عدة مع رفض عدد من الكتل النيابية النزول الى المجلس خصوصاً "حزب الله" و"التيار الوطني" الذي وصف المجلس مرارا بغير الشرعي.
وبعد فراغ قاتل قرر الحريري مجددا ان يحرك الجمود فكانت مفاجأته من العيار الاثقل هذه المرة اذ بدأ السعي الجدي لترويج عون رئيسا توافقيا، وبعد تحضيرات كبيرة وجولات خارجية وداخلية استطاع الحريري ان يؤمن النصاب الدولي قبل الداخلي لتأييد عون، واعلن هذا التأييد في مؤتمر صحافي برر فيه الاسباب.
الرئيس نبيه بري رفض هذا التأييد وهدد بالتحول الى معارضة في وجه ما وصفه بالثنائية، فيما اكد "حزب الله" وجعجع تمسكهما بعون، اما حزب "الكتائب" فاستمر برفضه هذه المعادلة, بينما قرر جنبلاط تأييده كمرشح توافقي لينال اصواتا نيابية ستوصله الى بعبدا.
واليوم وبعد سنتين وخمسة اشهر وخمسة أيام يتهيأ القصر الجمهوري لاستقبال الجنرال عون كأول رئيس يقال انه صنع في لبنان، بعد الطائف.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك