تابعت في اليومين الماضيين مجريات "الحركة الثورية" في سجن روميه وكل الأحاديث التي دارت حولها في ما يشبه المسلسل الدرامي الطويل الذي تعرف بدايته من دون التمكّن من توقّع النهاية أو بلوغها.
ما جرى في سجن روميه هو تكرار لحوادث سابقة، وربما لحوادث لاحقة، إذ أن عدم توافر الحلول الجذرية يجعل عدم تكرار ما حصل مستحيلاً.
وفي هذا تتوزع المسؤوليات على كل الدولة من رأسها الى العنصر المتدرّج في حماية السجناء، بل في حماية زملائه من السجناء، حتى لا يقع معهم أسيراً في الزنزانة التي عادة ما يراقبها، ويتابع حركة نزلائها.
المسؤوليات تتوزّع على الجميع. وفي كل سنة نسمع الكلام إيّاه عن أموال جديدة رُصدت لإصلاح أحوال الناس في السجون، وعن توسيع وترميم يكاد، إذا ما حصل، لا يكفي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السجناء.
لكن المشكلة الأكبر ليست لدى وزارة الداخلية القيّمة على السجون، بل في وزارة العدل التي تترك في السجون أناساً غير محكومين لسنوات وسنوات، وهو ما يتعارض مع حقوق الانسان، إذ لا بد وأن يثبت أن بينهم أبرياء، وقد حرموا حقهم في الحرية مدّة من الزمن. فمن يعوّض عليهم آنذاك.
ثم ان المسؤولية على الحكومة مجتمعة، لأنها لم تقرر بعد بناء سجون جديدة تتوافر فيها مقومات العيش والتعلم والتدرب على مهن. والسياسيون على اختلافهم مسؤولون عن الملف، إذ يتبارون في إطلاق المواقف العالية السقف، ثم ينسون أو يتناسون في اللجان النيابية المختصة وضع الخطط اللازمة للحل.
لكن بعيداً من كل هذا، تبرز الفضيحة داخل السجن حيث يتواطأ مسؤولون أمنيون مع كل سجين يملك المال اللازم لدفع رشوة تمكّنه من امتلاك هاتف خليوي أو أي جهاز آخر، وما يطلبه لمأكله ومشربه وتسليته، فيما يُحرم الفقير كل شيء.
والأسوأ ما حكي في اليومين الماضيين من كلام طائفي، ورفض لتسلّم إدارة المبنى مسؤول من مذهب معين، فيما الحقيقة مختلفة تماماً، ومختلقة تماماً، وفي جانبها الآخر، الحقيقي، رفض كل مسؤول، لأي مذهب انتمى، لا يجاري المافيات العاملة هناك، والناشطة في تهريب الهواتف والدخان والمخدّرات.
والأخطر من كل هذا ما تردد عن تواطؤ أمنيين في نشوب "الانتفاضة" لفرض تبديلات في المواقع. هكذا تصير الدولة كلّها أسيرة السجناء، ويصير الحلّ المطلوب لا تحسين أوضاع السجناء فقط، بل تحسين كفاءة القيّمين عليهم. إنها مسؤولية كبيرة تحتاج الى ورشة كبيرة
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك