كتبت بولا أسطيح في "الشرق الأوسط":
ينتظر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل نشر قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية في الجريدة الرسمية بعد أن وقعه 19 وزيراً في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كي يتقدم و9 نواب آخرين من تكتل «لبنان القوي» بطعن به أمام المجلس الدستوري.
ويعتبر باسيل أن النواب وبإقرار هذا القانون الذي سمح بتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون عاماً كاملاً، لم يحترموا «شموليّة التّشريع، وشرعوا لصالح شخص»، علماً بأن القانون أدى أيضاً لتمديد ولاية مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
ووصل الكباش السياسي إلى أوجه في الفترة الماضية وبخاصة بين قوى المعارضة المؤيدة للتمديد لعون من جهة، و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، الذي كان مؤسسه الرئيس السابق ميشال عون من اقترح اسم جوزيف عون لقيادة الجيش، فقرر باسيل خوض مواجهة كبيرة لتفادي تمديد ولايته بعد اتهامات وجهها له بـ«خرق القوانين وبقلة الوفاء». وردت المعارضة هجوم باسيل على عون لكونه أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية التي يطمح رئيس التيار لتوليها.
ولا تبدو حظوظ باسيل بإسقاط قانون التمديد بطعن سيتقدم به أمام المجلس الدستوري كبيرة. ويُقر أحد نواب «الوطني الحر» بذلك، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا تكون احتمالات القبول بالطعن كبيرة إلا أن هناك مساراً سلكناه ودستوراً نحاول الحفاظ عليه فيما يُمعن الآخرون بخرقه مراراً وتكراراً»، مضيفاً: «قانون التمديد الذي يعلم الجميع أنه يستهدف شخصاً واحداً مخالف للدستور، وكم نتمنى على المجلس الدستوري أن يترفع عن كل الضغوط ويأخذ بالطعن».
وأجمعت معظم الكتل السياسية في لبنان على التمديد لعون كما تفاهمت على ذلك اللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني.
ويعتبر رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص أن «مجرد تقديم طعن أمر وارد ولا يتطلب مجهوداً فائقاً، لأن من السهل أن يتقدم به 10 نواب إلا أن مضمونه هو الأساس ويجب أن يُثبت أن القانون المطعون به مخالف للدستور»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «من أبرز وجوه المخالفة أن يكون القانون غير متسم بصفات العمومية والتجرد والشمولية التي يجب أن يتمتع بها أي قانون. أما بما يتعلق بقانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فإن واضعيه حاولوا احترام هذه الشروط والمعايير إلا أن نتيجة التمديد تنسحب على أشخاص معينين، وهذا ما يمكن أن يحاول الطاعنون الاستناد إليه»، مضيفاً: «الحجة الإضافية المرتبطة بعدم جواز التشريع خلال الشغور الرئاسي مردودة أصلاً لأن المجلس الدستوري اعتبر في حزيران الماضي خلال نظره بدستورية قانون تمديد ولاية البلديات أن هذا التشريع جائز».
ويرجح مرقص أن يكون إبطال قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية «أمراً صعباً، خصوصاً أن المجلس الدستوري لن يناقش الأسباب الطارئة والضرورية التي تقف خلف هذا التشريع الاستثنائي بسبب المصلحة السيادية التقديرية التي يتمتع بها مجلس النواب».
من جهته، يعتبر المحامي أنطوان نصر الله، القيادي السابق في «التيار الوطني الحر»، أنه بخلاف ما يشيعه التيار، فإن «قانون التمديد لم يفصّل على قياس شخص واحد أو فئة واحدة، وبالتالي هذه ليست ثغرة يمكن الدخول منها للطعن بالقانون»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإشكالية الثانية التي قد يتم الانطلاق منها هي التوقيع على القانون باعتبار أن رئيس الجمهورية هو من يوقع القوانين وهو من يحق له أيضاً الطعن بها وموقع الرئاسة حالياً شاغر، فهل يحل مجلس الوزراء بدلاً عن رئيس الجمهورية لتوقيع القوانين، خاصة وأننا بصدد حكومة تصريف أعمال؟»، مضيفاً: «على المجلس الدستوري أن يجيب عن هذه الأسئلة بعيداً عن أي ضغوط سياسية، ويحدد ما إذا كان هذا القانون يتجاوز الدستور أم لا».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك