كتب شادي الياس في موقع mtv:
أجمل مرحلة من العام كلّه، زمن ميلاد يسوع المسيح. هذا الحدث الإلهيّ الذي غيّر مجرى التّاريخ، هذا الزّمن والعهد الذي اشتهته الأجيال وسيبقى بريقه يلمع وينير الأجيال القادمة كلّها.
كانت البشريّة في حالة من الظّلام الدّامس، حيث تقوم أممٌ على أمم، وتعاني البشريّة من جشع الظّالمين. عندما قُضيَ على آخر معاقل الدّيمقراطيّة القديمة قتلًا واغتيالًا، في الإمبراطوريّة الرّومانيّة التي انتهى فيها آخر رموز الحضارة عند قتل يوليوس قيصر طعنًا بالخناجر على يد الجميع، حتّى على يد بروتس. عندها، فُجعت البشريّة جمعاء باستلام الطّاغية أغسطس قيصر الحكم، وظنّ العالم انّه لن يأتي مخلّص بشريّ أبدًا. أمّا اليهود فقد حافظوا على رجاء وانتظار مخلّص لهم يأتي ليحرّرهم عسكريًّا وسياسيًّا من حكم الإمبراطور والملك هيرودوس. وهنا تكمن خطيئة اليهود الأولى، في أنّهم ظنّوا أنّ المخلّص الآتي سيُحارب الشّرّ بالشّرّ وسيكون حاكمًا زمنيًّا بشريًّا ماديًّا فقط. لم يتّعظ بنو يهود من الاختبار الأوّل بخروجهم من أرض مصر إلى أرض الميعاد، ولم يستطيعوا أن يتوبوا عن حالة الاستكبار والخطيئة التي هم فيها. في حين نرى أنّ محبّة اللّه لشعبه لا متناهية، ولا تتوقّف عن الرّحمة والرّأفة، من أجل خلاص البشر.
بلغ الجحيم ذروته على الأرض، وفي الوقت ذاته بدأت وعود اللّه عبر أنبيائه تظهر للعلماء. ظهر نجم السّماء المنتظر في أحلك الليالي ظلاماً، وأتى علماء الفلك والمجوس إلى اليهود يبشّرونهم، إلّا أنهم قسّوا قلوبهم وتجاهلوا ولادة المخلّص لشدّة استكبارهم. اهتزّ عرش الملك، فدعاهم إليه بكلّ حيلة ودهاء سياسيّ، ليستنطقهم ويعرف منهم مكان وجود الطّفل ليقتله. مرّة جديدة يتدخّل الرّبّ في التّاريخ عبر ملاكه جبرائيل قائلًا لرجل اللّه البارّ القدّيس يوسف "قم وارحل بالطّفل يسوع وأمّه مريم إلى مصر لأنّ الملك يريد أن يهلكه". وهنا يجب التّوقّف عند القدّيس يوسف ومريم وتنفيذ ما أمرهما الله به. منذ أبينا إبراهيم وطاعته لكلمة الرّبّ، مرورًا بجميع أنبيائه، نرى أيضًا طاعة القدّيسة مريم والقدّيس يوسف، ومن خلال طاعتهم يتحقّق درب الخلاص، ويتمّ تنفيذ وعود اللّه المنتظرة. فهذه الرّحلة إلى مصر لا تقلّ أهمّيّة عن رحلة الجلجلة الأخيرة لخلاص البشر. يختار الرّبّ القلوب البيضاء الكبيرة، ويفرح بها، لذلك أتى، وتأنّس، وتجسّد، لكي يجعل منّا قدّيسين نمجّده ونخدم بعضنا بعض بتواضع ومحبّة.
من هذا المنطلق، يجب علينا الاستعداد في هذا الزّمن، زمن انتظار يسوع المسيح المخلّص، في الوقت الذي يمرّ شعبنا اللبنانيّ بأصعب أزمة معيشيّة منذ نشأة دولته الأخيرة، وتحت تهديدات القصف الإسرائيليّ. على الشّعب اللبنانيّ والمسيحيّ خاصّةً أن يركّز انتباهه على إصرار اللّه على خلاصنا، يجب أن نكثّف الصّلاة والشّكران لمن لا يحجب نظره عنّا. لذلك كلّ هذه المظاهر التي نراها من فوضى في التّسوّق، وهجوم على حجز طاولات المطاعم والحفلات، وظاهرة ازدحام السّير في الطّرقات في الأعياد، هي خير دليل على أنّ "قسمًا" من شعبنا لا يزال في غيبوبة اجتماعيّة تفصله عن حقيقة الخلاص والاستفادة الحقيقيّة منه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك