كتبت نجوى أبي حيدر في "المركزية":
إلى مرتبة الخطر الأقصى، ارتقى الوضع الامني في القرى الجنوبية على طول الشريط الحدودي وداخل العمق اللبناني بنحو 40 كلم، حيث الاستهدافات الاسرائيلية اليومية لا تفرق بين مدني واعلامي ومسعف وعسكري او حتى عناصر قوات الطوارئ الدولية. هي منطقة حرب بامتياز، ولو ان المنخرطين فيها او الداعمين لهذا الفريق او ذاك يتجنبون تسميتها كذلك ويفضلون ابقاءها في اطار المناوشات، حرصا على عدم توسع نطاقها وتمددها جغرافيا لتشمل لبنان كله، وقد يمتد الفتيل الى سائر دول المنطقة فتنفجر اقليميا.
وداخل حلبة السباق المحموم بين الانفجار والمساعي الدولية للتهدئة ولا سيما الاميركية الضاغطة في اتجاه وقف النار مرحلياً في غزة وانجاز صفقة تبادل رهائن تمهيدا لاعلان وقف اطلاق نار كامل والشروع في التسوية السلمية لوضع القطاع واهله، يقبع سكان القرى الحدودية تحت خطر الموت وقد عاينوا بأم العين استشهاد اقارب وجيران واعلاميين في قراهم. بعضهم ممن يخشى ان يلقى المصير نفسه، ترك بيته وارضه بمواسمها المحروقة، إما بقنابل الحقد الاسرائيلية او بمنصات صواريخ تنظيمات مسلحة تستبيحها لتطلق صواريخها في اتجاه الاراضي المحتلة، فغادر الى مناطق الداخل عند قريب او صديق في انتظار انتهاء النزاع المسلح، فيما يرفض اخرون ترك منازلهم وارزاقهم ويفضلون الصمود فيها خشية من مسلسل تهجير ممنهج جاري العمل عليه، لا سيما سكان القرى المسيحية الذين يتلمسون اتجاها كهذا منذ ما قبل عملية طوفان الاقصى، فيصرون على البقاء والمواجهة، ولو باللحم الحيّ ، ما دام احد لا يسأل عنهم او يساعدهم في مشروع الصمود هذا.
احوالهم الصعبة ومعاناتهم مع القصف الاسرائيلي اليومي وقطع ارزاقهم، باعتبار ان غالبيتهم يتكلون على المواسم الزراعية في مواجهة الهجرة وقد احترقت بمعظمها او باتت غير صالحة بفعل المواد الكيميائية السامة التي تعرضت لها، بلغت مسامع المقامات الروحية المسيحية بعد شهر ونيّف على الحرب، فقرر مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان خلال اجتماعه الاسبوع الماضي في دير سيدة الجبل، النظر الى احوال هؤلاء وتفقد ابناء الرعية والالتفات الى ظروفهم المأسوية لتعزيز قدراتهم على الثبات في بلداتهم، ومشاركة مطارنة الابرشيات في الجنوب مهمتهم بالوقوف الى جانب ابناء ابرشياتهم ومتابعة شؤونهم الملحة، بحيث شكلوا وفدا من البطاركة والاساقفة ممن يرغب ليزور القرى الجنوبية الحدودية يوم الخميس المقبل مبدئيا تحت عنوان "يوم في الجنوب"، ان لم يطرأ ما يحول امنيا وميدانيا دون الزيارة ، ويتشارك ومسيحيي الحدود الصلاة ويقدم الدعم المعنوي والروحي والمادي، تعبيرا عن التضامن وتقديرا لصمودهم في ارضهم.
وتشير معلومات "المركزية" الى ان الوفد يعتزم زيارة بعض الكنائس والمقار الروحية في القرى اياها، على ان تكون له محطة في احد دور العبادة التابعة للطائفة الاسلامية في اطار التأكيد على الشراكة المسيحية- الاسلامية ومواجهة الاعتداءات الاسرائيلية بروح المواطنة دفاعا عن لبنان الرسالة والعيش المشترك كما سمّاه البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني.
زيارة لطالما انتظرها سكان الشريط الحدودي واهالي القرى المسيحية الصامدة، على أمل ان تحمل دعماً حقيقياً يُمكّن هؤلاء من التجذر في ارضهم ومواجهة التحديات الامنية والاقتصادية والمعيشية الصعبة، فلا تقتصر على الشعارات والمواقف بل تقدم ما يمكّن مسيحيي الجنوب من الاستمرار في مقاومة مشروع تهجيرهم والبقاء حيث هم على غرار مواطنيهم واخوانهم من سائر الطوائف.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك