افتتح وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض المؤتمر الوطني بعنوان "سد الفجوة: تعزيز الإستجابة للأمراض المزمنة غير المعدية في المجتمع المضيف ومجتمعات اللاجئين في لبنان".
ويتمحور النقاش في المؤتمر على التحديات الموجودة والحلول الممكنة وسبل الوقاية من الأمراض المزمنة في لبنان والإدارة الإنسانية والطبية لعلاجها، ويتضمن مشاركات خارجية حول تحديات الأمراض المزمنة من فلسطين والأردن ومنظمة الأونروا.
وأعلن الابيض ، في كلمة القاها في افتتاح المؤتمر أن "الوزارة ستطلق قريبًا مشروع التعاون مع البنك الدولي والذي يشتمل على تغطية كاملة لمئتي ألف شخص من المواطنين من الفئات الأكثر هشاشة من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في مختلف المناطق."
ولفت إلى أن "معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية تشكل عامل قلق في لبنان، وإن عدم معالجة هذه الأمراض في بدايات الإصابة بها يؤثر سلبًا على نوعية حياة مواطنينا كما يؤدي إلى ارتفاع أعباء الفاتورة الصحية بشكل كبير. لذلك، خصصت وزارة الصحة العامة حيزًا كبيرًا للرعاية الأولية في الاستراتيجية الوطنية للصحة التي تم إطلاقها في بداية هذا العام لما لها من دور محوري في الوقاية من الامراض المزمنة واستباق مضاعفاتها الخطرة".
وأكد أن "الحاجة إلى الخدمات الصحية تتزايد في لبنان تحت وطأة الأزمة المالية". وقال: "إن عدد الذين يقصدون مراكز الرعاية الأولية تضاعف ثلاث مرات في السنوات الثلاث الماضية، ما يشكل مؤشرًا واضحًا على تراجع القدرة على الحصول على خدمات صحية خاصة. فإن دلّ ذلك على الظرف الصحي الصعب الذي يشهده لبنان، إلا أننا نرى في هذا الوضع فرصة للإهتمام بالرعاية الصحية الأولية. وفي هذا الإطار يسرني الإعلان عن مشروع تعاون مع البنك الدولي ستطلقه وزارة الصحة العامة قريبًا يشتمل على تغطية كاملة لمئتي ألف شخص من مواطنينا من الفئات الأكثر هشاشة".
وتناول الوزير الأبيض واقع اللاجئين في لبنان، فتوقف أمام "تبني لبنان نهجا متكاملا في تلبية احتياجاتهم الصحية حتى في ذروة تجاوز نظامه الصحي القدرة على استيعاب تدفق نازحين يعادل ثلث عدد السكان من المواطنين". وكشف أن "المؤشرات الصحية للاجئين، كمعدلات وفيات الأمهات أو نسب الملقحين، تعادل المؤشرات الخاصة باللبنانيين"، مبدياً أسفه لأن يقابل الجهد الهائل الذي بذله لبنان بانخفاض مقلق للمساهمات المالية المقدمة من المجتمع الدولي.
وقال: "إن المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبرى لأن تخفيض المساهمات المالية لا يقوّض الأهداف الإنسانية التي يجب أن نلتقي جميعًا على تحقيقها، إنما يضع عبئا لا قدرة لبلدنا المضيف على تحمله. ولا بد من عودة اللاجئين. وفي المرحلة الفاصلة، يجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بدوره ويقوم بتنفيذ الرسالة الإنسانية المطلوبة."
وفي هذا المجال لفت الوزير الأبيض إلى أن "الإستجابة لمسألة النزوح بالمساعدات الفورية لم تعد كافية لأن كثافة النزوح أثرت على النظام الصحي اللبناني وكشفت الكثير من مكامن ضعفه"، وقال: "صحيح أنه تمكن من الصمود ولم ينهار ولكن هذا النظام بات بحاجة ماسة إلى تجديد بنائه على أساس بنية تحتية صحية قوية وقادرة على الصمود والتطور في المستقبل بهدف تقديم أفضل الخدمات بأقل كلفة ممكنة".
الأمراض المزمنة بالأرقام
وفي ورقة للمؤتمر أن "الأمراض المزمنة غير المعدية تتسبب بـ 74% من جميع الوفيات على مستوى العالم، أي ما يعادل 41 مليون وفاة سنويا.
واستنادًا إلى منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن أمراض القلب تتسبب بمعظم الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة (17.9 مليون شخص سنوياً)، تليها أمراض السرطان (9.3 مليون شخص)، فأمراض الجهاز التنفسي (4.1 مليون)، ومرض السكري (2 مليون). وحوالى 77% من جميع الأمراض المزمنة و86% من الوفيات المبكرة تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وبالنسبة إلى لبنان الذي يصنف من البلدان ذات الدخل المنخفض- المتوسط في الشرق الأوسط والذي يستضيف النسبة الأعلى من اللاجئين بالنسبة إلى مساحته، فإن الأمراض المعدية ولا سيما السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي للوفيات على المستوى الوطني.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الأمراض غير المعدية (القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان والجهاز التنفسي) تتسبب بـ 91% من الوفيات في لبنان و20% من الوفيات المبكرة، بنسبة 53% عند الذكور و46% عند الإناث.
واستنادًا إلى دراسة وضعتها منظمة الصحة العالمية عام 2016 فإن 35% من اللبنانيين و33% من السوريين يعانون من ارتفاع الضغط، و10.5% من اللبنانيين و9.4% من السوريين مصابون بالسكري، و8.2% من اللبنانيين و9.7% من السوريين مصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن 38% من اللبنانيين من المدخنين و31% من اللاجئين السوريين هم كذلك. 61% من اللبنانيين و62% من السوريين لديهم مستويات منخفضة من النشاط البدني على التوالي؛ 38% من اللبنانيين و 34% من السوريين لديهم زيادة وزن، و27% من اللبنانيين و29% من السوريين يعانون من السمنة".
من جهة أخرى، أطلقت وزارة الصحة العامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حملة التلقيح لموسم الأنفلونزا، برعاية وحضور وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض وممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور عبد الناصر أبو بكر.
وفي هذه المناسبة، أعلن الوزير الابيض ان للوزارة برنامجا وطنيا للانفلونزا ومختبرا متخصصا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي.
واشار الى "ان موسم الانفلونزا العام الماضي كان قاسيًا، وتوقّع ان "هذه السنة ستكون هناك موجة كبيرة للانفلونزا في لبنان، ومن واجبنا كوزارة الصحة التحضير لهذه الموجة".
وشدد على "اهمية اطلاق هذه الحملة خصوصًا بعد وصول هبة 10 آلاف جرعة لقاح الانفلونزا الى وزارة الصحة"، لافتًا الى ان "هذا الموضوع اساسي لحماية المجتمع والمساعدة على رفع مستوى المناعة المجتمعية للحد من انتشار هذا المرض".
ولفت الابيض الى ان "الفئات المستهدفة ستكون العاملين الصحيين في مراكز الرعاية الصحية الاولية والمستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة"، مشيرًا الى انه "سيكون هناك برنامج خاص لدور المسنين باعتبارهم من الفئات الاكثر عرضة للاصابة الشديدة بمرض الانفلونزا".
وشدد الابيض على نقطين: الاولى، هي "ان اطلاق حملة التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية اليوم واطلاق حملة التوعية ضد سرطان الثدي امس يعكسان انه ، ورغم كل الصعاب، لا تزال وزارة الصحة العامة مصرة على القيام بكل واجباتها تجاه حماية المجتمع وصحته".
وتابع: "ثانيا، نشيد بالجهود التي يقوم بها العاملون في وزارة الصحة العامة وبرنامج الرعاية الصحية الاولية والعاملين في البرامج الاخرى الذين عندما تنسب لهم مسؤوليات جديدة يبادرون لتحملها في سبيل حماية مجتمعهم".
وأضاف: "هذا الامر ليس بغريب فقد رأينا جميعًا خصوصًا في ازمة كورونا والكثير من المواقف انهم كانوا يقومون بخدمة المجتمع 24/7".
وشكر في هذا الاطار "العاملين في وزارة الصحة بخاصةً والعاملين في القطاع الصحي عامةً لقيامهم بكل ما يلزم ومن تلكؤ في ظل الازمة الصعبة في لبنان".
اخيرا ذكّر الابيض ان "وزارة الصحة العامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وشركائها الدوليين الآخرين وشركائها المحليين والعاملين في الوزارة وبرامجها سيحرصون على القيام بكامل واجباتهم لضمان صحة المجتمع".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك