كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
رغم ضياع لبنان تدريجياً من بين أيادي أهله وشعبه، بسبب موجات التدفّق السوري المستمرّة إليه، وتداعياتها الديموغرافية والمعيشية والاقتصادية، يستمرّ البعض بالتشديد على الحاجة الى خدمات النازح السوري في مجالات عدّة، من دون أي رادع، ورغم أنه يمكن استبداله بلبناني للعمل فيها، في ما لو توفّرت النيّة لذلك.
بأشكال التفافيّة
فإذا استثنينا بعض اللبنانيين الجاهزين والمستعدّين دائماً، أو غير الجاهزين والمستعدّين دائماً، للعمل في بعض أعمال البناء، والزراعة... نقول إن الأعمال الزراعية (وغيرها) الموسمية مثلاً، قد تكون حلّاً مهمّاً في مختلف البلدات والمناطق، خصوصاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تدفع الناس الى البحث عن المال من أي شيء. ولكن المشكلة هي في اللبناني الذي لا يوظّف إلا النازح السوري، تحت ألف ذريعة وسبب.
وأمام هذا الواقع، من يمكنه أن يضيّق على موجات التدفّق السوري الى لبنان، طالما أن اللبنانيين أنفسهم يفضّلون توظيف السوريين (حتى ولو كانوا أطفالاً) في مجالات عدّة، وبأشكال التفافية مختلفة؟
ليست للعمل
شدّد عضو تكتّل "لبنان القوي" النائب أسعد درغام على أن "حجم الدخول السوري الى لبنان، والفئات العمرية الآتية الى هنا، تُظهر أنها ليست للعمل بالمجالات المسموح بها في لبنان بموجب القانون، حصراً".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الحقيقة هي في أن لا أحد في البلد يدرك ماذا يعمل هؤلاء هنا بشكل دقيق، فيما لا بلد في العالم يقبل بهذا النوع من موجات التدفُّق الى أراضيه، من دون أي تنظيم".
قرار
وأشار درغام الى أن "من يبسّط الأمور بالحديث عن عمالة نحتاج إليها في لبنان، هو شخص مُشارك في مؤامرة على البلد. فالقضية أكبر من ذلك بكثير، وهي قضية بلد قد يبقى في الوجود أو لا. فموضوع التدفُّق السوري تحوّل الى مسألة وجودية تتعلّق بالوطن والكيان".
وعن أسباب التراخي في ملاحقة اللبنانيين المستفيدين من تشغيل سوريين، لفت الى أن "الملاحقة الجدية واليومية تحتاج أولاً الى قرار من جانب السلطة السياسية، والى تنظيم وتشدُّد من جانب البلديات في ما يتعلّق بفرض الغرامات، لا سيّما في نطاق تلك (البلديات) التي تقول إنها بحاجة الى عمال لبعض المشاريع والأعمال فيها. فكم يبلغ عدد السوريين الذين يمتلكون بطاقات العمل اللازمة؟ وكم هي نسبة الذين يدفعون الضرائب المتوجّبة عليهم؟ وكيف يتمّ التصرّف تجاه أولئك الذين يمتلكون أوراقاً قانونية، والذين يتوجّب التشدُّد في مراقبة أنشطتهم في لبنان أيضاً، حتى ولو كانوا يدفعون الرسوم اللازمة، ويستوفون الشروط القانونية. فالمخاطر التي تُحيط بلبنان ما عادت تحتمل تأويلات تحت أي ذريعة، ولا التساهل تحت ستار الحاجة الى عمال".
غير مبرّر
وردّاً على سؤال حول مستقبل هذا النوع الجديد من الاحتلال السوري، أجاب:"يتوجّب على الجميع أن ينتبهوا الى ما قد ينتظرنا. فهذا احتلال اقتصادي واجتماعي وديموغرافي يمكنه أن يتحوّل الى عسكري في أي لحظة، وهذا أمر مدمّر للبنان".
وختم: "النزوح السوري ما عاد مبرّراً ولا بأي شكل من الأشكال، وصار خطراً على أولادنا. وإذا استمرّ هذا الوضع، فعلى الجميع أن ينسوا لبنان، والكيان، والتعدّدية، والديموقراطية، والحرية، إذ خلال عشر سنوات ربما، سنُصبح مثل الحسكة أو دير الزور، أي منطقة من المناطق السورية، وسنترحّم على الأيام التي كان يوجد فيها لبنان، تماماً كما نترحّم الآن على أيام لبنان الخمسينيات والستينيات".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك