كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
يستعين السياسيّون في لبنان بمُصطلحات وكلمات وتعابير "غريبة عجيبة" يتسلَّحون بها في تصاريحهم ومؤتمراتهم ومواقفهم مراراً وتكراراً خصوصاً في الآونة الأخيرة، إمّا هرباً من تسمية الأمور كما هي، أو بهدف تخويف الجماهير الحزبيّة والمواطنين وترهيبهم، وربما أيضاً بهدف حرف الأنظار عن حقائق مُعيّنة.
أحصينا لكم 5 مصطلحات تتكرّر بشكل كبير في الخطابات التي ينقلها الاعلاميّون والصحافيّون عن ألسنة المسؤولين، في محاولة لتفسيرها، أقلّه في معاجم السياسة ودهاليزها، وتحذيركم ممّا قد تخفيه...
· الطابور الخامس: قبل أن تشتهر طوابير المصارف والمحروقات والخبز، خُلق طابور مجهول المعالم، لكنّه يصلح في كلّ الأزمنة والحقبات في لبنان. إنّه "الطابور الخامس"، فمن هي هذه الجهة التي تُلصق بها مختلف التُّهم الأمنيّة؟ من هم أصلاً الطوابير الأربعة قبله؟ لا أحد يعلم الجواب، ولكنّ الأكيد هو أنّ هذه العبارة تتكرّر بشكل دائم خصوصاً عند حصول حوادث أمنيّة متفرّقة يتهرّب المسؤولون عنها من تحمّل تداعياتها، فيُحمّلونها بكلّ بساطة لهذا الطابور، والمُفارقة هي أنّ كلّ الأجهزة الأمنية في لبنان عجزت عن كشف هويّته!
· شبح الفتنة: إنّه بكلّ بساطة "أبو كيس" لبنان. فكما يستعينُ الاهل بهذه الشّخصية "المُرعبة" لتخويف أطفالهم، يلجأ السياسيّون الى هذا الشّبح لبثّ أجواء من الريبة والخوف والحذر في صفوف المواطنين خصوصاً عندما يستشعرون بأنّ الأطراف الأخرى في البلد بدأت تُصعّد في خطاباتها ومواقفها، فيَحتَمون بـ"شبح الفتنة" كتحذير ممّا قد يُطبخ في الضفّة المُقبلة، كما يبثّون في هذا الشبح الحياة ليُصبح "شبح الفتنة المتنقّل" مثلاً، فينقلونه بـ"الرّيموت كونترول" من منطقة الى أخرى بحسب أجندتهم وأهوائِهم!
· المُقايضة: آخر صيحة فنّ الخطابة في لبنان. ففي وقتٍ يُقايض فيه اللبنانيّون ملابسهم وأغراضهم الشخصيّة على بعض الطّعام والدّواء، فإن مُقايضة السياسيّين تأخذ بُعداً مختلفاً وأكثر فخامة وعظمة. "مقايضة" تشكيل الحكومة مقابل مكاسب رئاسيّة وحذف عقوبات للبعض، مقايضة الوزارات بحسب الدّسامة والتوقيت السياسي للبعض الاخر، ومقايضة ملف تفجير المرفأ بملف الطيّونة، ولا تتعجّبوا إن قايضوا الانتخابات النيابيّة قريباً باستحقاقات أخرى. بكلّ اختصار "ما في شي ببلاش" في عالم السياسة والسياسيّين في لبنان، إلا كرامة المواطن اللبناني "ببلاش ونصّ"...
· شدّ العصب: في عالم الطبّ، "شدّ العصب" أو "التوتّر العصبي" هو طريقة يُعبّر فيها جسم الانسان عن استجابته لايّ تهديد أو خطر معيّن، فيبقى الجسم مُتيقظاً ومُستعدّاً للمواجهة. في عالم السياسة في لبنان، شدّ العصب هو طريقة يُعبّر فيها السياسيّون عن استعدادهم لاستحقاق مُقبل، كالانتخابات مثلاً، "فـيشدّون العصب" الطائفي والحزبي في مجموعاتهم وأحزابهم، ويُحضّرونها لمواجهة الأطراف الأخرى انطلاقاً من مشاعر الخوف والاختلاف. لذا، في المرّة المقبلة التي تسمعون فيها أيّ زعيم يتحدّث بلغة طائفيّة وحزبيّة متطرّفة، فاعلموا أنه يهدف الى "شدّ عصبكم"، ولكن، بصراحة، "مين بعد عندو أعصاب أصلا"؟
· اللّعب على الوتر: في هذه العبارة نغمة جميلة وهناك بعضٌ من المرح أيضاً. فهناك لعبٌ وهناك وترٌ موسيقي امتهن المسؤولون العزف بأناملهم عليه. غالباً ما ينطقون بهذه العبارة لاتهام أخصامهم بالتجييش والتحميس والتلاعب بمشاعر وأفكار القواعد الشعبيّة، ولكنّهم بتصاريحهم هذه يلعبون أيضاً على أوتاركم، ويعزفون مواويلهم، لكي تحفظوها وتسمّعوهاً كالطّفل الصغير الذي يُردّد الاستظهار أمام أستاذه. أيّها السياسيّون، رجاءً، "روحوا العبوا غير محّل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك