كتبت رانيا شخطورة في "أخبار اليوم":
دون قطاع مصرفي فاعل وقادر على التسليف وضخ الاموال في الدورة الاقتصادية، لا حياة لاي اقتصاد... لكن ليست هذه النظرية هي السائدة في لبنان. اذ كلما اشتدت الازمة السياسية، رميت الاتهامات على المصارف، كون "جسمها لبيس" تحت العنوان الشعبوي "حجز اموال المودعين"... رغم ان سبب الانهيار المالي لا يقع على عاتق المصارف بل هو نتيجة السياسات المستمرة التي غطت على الفساد والهدر في معظم مرافق الدولة، مع العلم ان المصارف لم تتهرب يوما من تحمل المسؤولية، شرط ان يكون توزيع الخسائر عادلا.
في وقت بدأت فيه الحكومة وضع خطة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، تبدو الهجمة المتجددة على المصارف مستغربة، حيث اشار مصدر مالي، ان السبب الاساس هو نتيجة مخططات من كان يقف وراء الحكومة السابقة للسيطرة على القطاع المالي، وخلق قطاع مصرفي نواته خمس مصارف جديدة، محذرا من ان من "يسيطر على القطاع المالي يسيطر على البلد!".
من جهته، ذكر كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل ان طرق عمل الحكومة السابقة لم تكن مؤاتية لمعالجة التحديات المالية والاقتصادية القائمة، معتبرا عبر وكالة "أخبار اليوم" ان المقاربة مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قد اختلفت، مشددا على ان الهدف اليوم الخروج من الازمة، الامر الذي لا يمكن ان يحدث دون قطاع مصرفي يعمل بشكل طبيعي، وهذا يتطلب استعادة الثقة، وبدء ضخ رؤوس الاموال ومعالجة وضع الموجودات لدى مصرف لبنان بشكل عقلاني.
وردا على سؤال، اشار غبريل الى ان هذه الحكومة ستشارك مكونات القطاع الخاص في وضع خطة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لان اي اجراء بشأن الاصلاحات يجب ان يكون مدعوما من قبل المجتمع اللبناني والقطاع الخاص.
وهنا اشار غبريل الى ان المقاربة "الصحيّة" التي تخرج لبنان من الازمة، هي في اعطاء الاولوية للنمو الاقتصادي وتوسيع حجم الاقتصاد وتحقيق فائض اولي في الموازنة العامة، وعلى هذا الاساس تحصل اعادة جدولة او اعادة هيكلة الدين العام، وليس العكس. اذ لا يجوز تجميد الاقتصاد والاستمرار بالانكماش وتدمير القطاع المصرفي من اجل خفض الدين العام، علما ان محاولة السير في هذا المنحى اوصلتنا الى هنا.
وفي هذا الاطار، ميز غبريل ما بين معالجة الامور "بشحطة قلم" من اجل ارضاء صندوق النقد الدولي فقط، وفي الطريق يتم الغاء القطاع المصرفي واصدار تراخيص لخمس مصارف جديدة، وما بين التأكيد على ان القطاع المصرفي حيوي واساسي للنهوض بالاقتصاد وعودة النمو الايجابي والحركة الاقتصادية، بمعنى ان يلعب القطاع المصرفي دوره في تسليف القطاع الخاص، وهذا يحتاج الى سيولة، من خلال اعادة تدفق رؤوس الاموال الى لبنان، وبالتالي اعادة الثقة اليه، معتبرا ان المسار لا يتحقق الا من خلال اتفاق تمويل اصلاحي من خلال صندوق النقد الدولي.
وشدد غبريل على ضرورة ان تضع الحكومة خطتها خلال فترة وجيزة، لتبدأ في اسرع وقت ممكن المحادثات (وهي تختلف عن المفاوضات لانجاز الاتفاق) مع صندوق النقد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك