كتبت صفاء درويش في موقع mtv:
قد يكون وليد جنبلاط هو الشخصية السياسية الوحيدة التي تحجز في مختلف التبدّلات مكانًا أساسيًا ليس باستطاعة أحد استثناءه.
بليونة قلّ نظيرها تنقّل رئيس اللقاء الديمقراطي منذ الـ2005 بين المحاور. حطّ في 14 آذار ليقودها، وعاد وتموضع في الوسط ليشكّل بيضة القبّان، واليوم يقدّم نفسه على أنّه الخائف على مستقبل اللبنانيين والساعي دومًا نحو تحصيل الحقوق.
باستطاعة وليد جنبلاط أن يفرض على متابعيه نسيان أنّه جزء لا يتجزأ من السلطة منذ بداية التسعينيات. يستثمر في الكاريزما حق استثمار، يصمت متى يريد ابعاد الأنظار عنه، ويطلّ حيث يضمن أنّ صورته لن تتهشّم.
عند كل استحقاق انتخابي يقرأ جنبلاط المشهد بدقّة، ويميل كما تميل كفّة الربح. عام 2018 استطاع حصد معظم المقاعد الدرزية رغم قساوة القانون على مختلف الكتل والأحزاب، باستثناء مقعد لم يرد هو التنافس عليه مع الأمير طلال ارسلان، حافظًا بذلك ثنائية درزية تاريخية كان باستطاعته ربّما كسرها لو أراد.
في الوقت عينه عمل بثقله لمنع انشطار هذه الثنائية نحو ثلاثية بدخول وئام وهاب المجلس النيابي، فاستغلّ سطوة صديقه الرئيس نبيه بري على الساحة الشيعية ليفرض عدم دعم وهاب بالأصوات بشكلٍ كافٍ، فحافظ على احادية شوفية وثنائية جبلية.
هذه المرّة، يدرس جنبلاط خطواته بدقّة. يلتمس منذ حوالي العامين تبدّلًا في الشارع وصلت أصداؤه إلى بيئته. هنا، تشير المعلومات الى أن جنبلاط، ورغم أنّه أورث نجله تيمور مقعده النيابي، يتوجّه لرفض مقترحات من بعض نوّابه بتوريث أبنائهم مقاعدهم.
يعتقد زعيم المختارة أن الأرقام التي سُجّلت في المرة الماضية أكان في رصيد وئام وهاب، أم حتى قوى المجتمع المدني، تُنذر بضرورة التغيير لا سيما من خلال ادخال دماء جديدة إلى العمل السياسي. هنا قد يكون استنساخ تجربة وائل أبو فاعور، الآتي في حينها من منظمة الشباب التقدّمي، هو خير ما يفعله جنبلاط تجاه التوّاقين إلى التغيير والذين لم يخرجوا بعد من عباءته.
سياسيًا، بات وليد جنبلاط في مكان بعيدٍ نوعًا ما عن القوات اللبنانية، وهنا تشير الأرقام الى أن عدم تحالف جنبلاط مع القوّات قد يشكّل خطرًا فعليًا على نائبين قواتيين هما جورج عدوان وأنيس نصار، وعليه، العين اليوم هي على القوات نفسها ان كانت ستبادر تجاه جنبلاط خلال الاشهر المقبلة التي ستسبق الإنتخابات أم أنها ستبقى على موقفها الذي يجمله مع باقي مكوّنات السلطة التي تعارضها.
على صعيد تيار المستقبل، هناك تباعد كبير بين جنبلاط وسعد الحريري. ورغم العلاقة الحميمة التي تربط قريطم سابقًا بكليمنصو، وهي التي لم يشأ جنبلاط أن يكسرها منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري، إلّا أن المعطيات مختلفة هذه المرّة. فحتى الساعة يبدو أن مسألة التحالف الانتخابي بين الحريري وجنبلاط متعثّرة لأسبابٍ عدّة، قد يكون أهمها عدم رغبة جنبلاط باستفراز الجانب السعودي غير المرحّب بدعم الحريري على مختلف الصعد.
هنا تدخل مسألة الحسابات، لجهة المقعدين السنيين في اقليم الخروب من جهة، والمقعد الدرزي في بيروت، وهما نقطتان بحاجة لدراسة الحاصل في الشوف وكذلك التحالفات في بيروت.
فهل سيُقدم وليد جنبلاط على التحالف مع الثنائي الشيعي للمحافظة على مقعده في بيروت والإبقاء على المقعد التوافقي في حاصبيا أم أنّه سيرى ببعض المكوّنات الأخرى بابًا أسلم لخوض الإنتخابات برفقتها؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك