تصاعدت في الساعات الماضية حدة التوتر في العلاقات الإيرانية - اللبنانية، بعد قرار تعليق الرحلات الجوية بين البلدين. يأتي هذا التطور بعد رفض إيران منح إذن هبوط للطائرات اللبنانية على أراضيها، الأمر الذي حال دون إعادة لبنانيين عالقين هناك، وجاء القرار الإيراني رداً على إبلاغ السلطات اللبنانية لشركة "ماهان" الإيرانية بتعذر استقبال رحلتين مجدولتين من طهران إلى بيروت يوم الخميس الماضي.
وفيما أعلنت السلطات اللبنانية تمديد تعليق الرحلات الجوية من وإلى إيران دون تحديد موعد لاستئنافها، ردّت إيران بالإعلان عن أنها لن تسمح للطائرات اللبنانية بالهبوط في مطاراتها ما لم يُسمح لطائراتها بالهبوط في بيروت.
في هذا الإطار، نقلت مصادر مقربة من وزارة الخارجية الإيرانية لـ "نداء الوطن" أن المباحثات بين الجانبين مستمرة لحل الأزمة، محذّرة من تدخل أطراف خارجية في العلاقات الثنائية، في إشارة إلى إسرائيل. وشددت المصادر على أن "طهران تسعى إلى حل منطقي يخدم مصالح الشعبين اللبناني والإيراني". في المقابل، أكدت مصادر لبنانية أن إيران لربما تستخدم الملف كورقة ضغط سياسي، مشيرة إلى أنها تحاول كسب الوقت ولا تتعامل مع القضية بجدية.
من جهة أخرى، أكدت مصادر وزارة الخارجية اللبنانية، أن الوزارة ما زالت تنتظر موافقة إيران على اتخاذ أي خطوة عملية، لمنح الإذن للطائرة المعنية بالهبوط. ومع ذلك، لم يحدث حتى الآن، مما يزيد المخاوف، علماً أن لبنان اتخذ هذا الإجراء الاحترازي لحماية أرضه إثر التهديد الإسرائيلي المباشر.
استغلال المطار
التوتر بين لبنان وإيران جاء عقب تحذيرات إسرائيلية من استغلال مطار رفيق الحريري الدولي في عمليات نقل غير مشروعة. فقد قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر "اكس" أن "فيلق القدس" و "حزب الله" يستغلان مطار بيروت لتهريب أموال مخصصة للتسلح، وهو ما دفع السلطات اللبنانية إلى تشديد إجراءاتها الأمنية خوفاً من استهداف المطار.
وفي خطوة تصعيدية، طالب "حزب الله" عبر أمينه العام، الحكومة اللبنانية بالتراجع عن قرار منع الطائرات الإيرانية من الهبوط، في حين تؤكد السلطات اللبنانية أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى ضمان السلامة والأمن. هذا التباين في المواقف يعكس عمق الأزمة وتعقيداتها.
"الموضوع أكثر من أمني"
علّق الخبير في الشؤون الإيرانية، د. حكم أمهز لـ "نداء الوطن"، عن منع لبنان هبوط طائرة إيرانية معتبراً أن هذا الموضوع أكثر من أمني، أضاف: "خلال فترة حكومة تصريف الأعمال السابقة كان مبرراً منع هبوط الطائرة الإيرانية في مطار بيروت، بسبب الحرب الإسرائيلية وإمكانية استهداف المطار إذا ما هبطت فيه تلك الطائرة. يذكر أنه خلال تلك الفترة، حطّت طائرة إيرانية في مطار بيروت قادها وقتها شخصياً رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف رغم التهديدات الإسرائيلية".
في هذا الإطار يقول أمهز إن "الوضع اليوم مختلف تماماً، ورغم ذلك تخضع جميع الطائرات الإيرانية للتفتيش الدقيق في مطار بيروت، بما فيها حقائب النساء". وإذ لفت إلى وجود مراقبين أميركيين في مطار بيروت لمراقبة كل "شاردة وواردة"، حمّل أمهز الدولة اللبنانية مسؤولية تأخر عودة مواطنيها من مطار طهران، معتبراً أن قرار المنع يمثل مصادرة للسيادة اللبنانية
"توقيت المنع والتشييع"
تحدثت تقارير صحافية عدة عن توقيت الأزمة بين لبنان وإيران وارتباطها باقتراب موعد تشييع السيد حسن نصرالله في 23 الجاري، حيث يُنتظر مشاركة ممثلين عن عشرات الدول.
في هذا الإطار يرى د. أمهز أن محاولات خلق أحداث أمنية وبث شائعات، تهدف إلى التشويش على مراسم التشييع، ومنع مشاركة الوفود الخارجية، كما وزعزعة البنية النفسية لبيئة "الحزب". وإذ حذر من محاولات جر لبنان إلى حرب أهلية، لفت إلى ضرورة استيعاب "الحزب" وجمهوره بدلاً من استفزازهم.
و أكد حكم أن أعداداً كبيرة من الإيرانيين يريدون المشاركة في الجنازة، لكنهم سيواجهون صعوبة في الوصول إلى لبنان بعد قرار الأخير منع الطائرات الإيرانية من الهبوط. يأتي هذا كله في سياق المحاولات الجارية لقطع العلاقات بين بيروت وطهران، خصوصاً بعد النكسة التي تعرض لها محور المقاومة، والتي كان آخرها سقوط النظام السوري.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك