يبدو أن مفاعيل اللقاء الدرزي الجامع في بعذران لا زالت سارية المفعول، فصحيح أن العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان تراجع والنازحون غادروا مراكز الإيواء، إلا أن تبعات الحرب باتت أخطر، وما شهده طريق المطار على خلفية قضية الطائرات الإيرانية خير مثال.
انفجرت قنبلة المطار في وجه وزير الأشغال الجديد فايز رسامني، علماً أنها لم تكن المرة الأولى. فالإجراءات تجاه الطائرات الإيرانية بدأت في عهد حكومة نجيب ميقاتي، والوزير علي حمية المحسوب على الفريق المعني، والذي يحمّل المسؤولية اليوم لرئيس جمهورية وحكومة ووزير لم يكونوا حين قررت الدولة اللبنانية تفتيش الحقيبة الدبلوماسية الإيرانية، ولم يعمد حينها أحد الى قطع طريق المطار.
استنفرت الاتهامات التي طاولت وزارة الأشغال المرجعيات الدرزية، وقادت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري، بعدما فرّقهما نواف سلام، ليعلن من منبر الرئاسة الثانية وعلى مسمع حزب الله، رفضه "تحميل وزير الأشغال تبعات كل أمر بما يتعلق بالطائرات الايرانية"، قائلاً: "الموضوع واضح حيث أن وزير الأشغال يتحمّل مسؤولية تقنية الطائرات انما موضوع التفتيش والتحقق من أي مواد او تهريب يعود الى وزارة الداخلية من خلال جهاز أمن المطار، ولا مانع من كل اجراءات التفتيش"، خاتماً "كفى مزايدات سياسية في هذا الشأن".
وكان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان حذّر من مشاريع الفتنة على خلفية ما شهده طريق المطار من تحركات، معلناً "انني لا استطيع التغاضي عن الانتقاد الموجّه الى وزير الأشغال. يجب أن نعي ان هذا الموضوع يتعلق بالدولة وقراراتها غير المفهومة"، مضيفاً "فايز رسامني شخصية لبنانية مميزة ولديه من الكفاءات التي يجب أن نستفيد منها".
وعلى وقع هذا التطور وغيره من المستجدات الدقيقة على المستوى الداخلي والاقليمي، والتي ترقى لتكون محطات مفصلية تترك تأثيرات كبيرة على الدروز في المنطقة، جاء العشاء الذي جمع جنبلاط وأرسلان، مساء الأحد، في خلدة.
"لقاء ودّي واجتماعي"، هكذا تصفه مصادر "الديمقراطي اللبناني" عبر موقع mtv، مشيرة الى أنه بحث في كل ملفات الساعة على مستوى البلد كما الطائفة الدرزية، مؤكدة أن الأجواء كانت ايجابية، مستطردة "نحن ندعو للانفتاح ولبناء علاقات مميزة بين الجميع على المستوى الوطني الكبير، فكيف الحال داخل البيت الواحد".
قضية المطار حضرت على طبق خلدة، حيث شددت مصادر "الديمقراطي" على أن "المسؤولية تقع على عاتق جهات عدة، ونرفض تحميل وزير الأشغال الحالي المسؤولية"، مضيفة "كانت الوزارة مع الفريق المعني واتخذت القرارات نفسها"، معلّقة "شو عدا ما بدا؟". وشددت على أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة والوزارات تنفذ قراراتها.
يكتسب لقاء خلدة أهمية لجهة توقيته، وهنا تؤكد المصادر أنه يشكل استمراراً للتقارب بين الفريقين، والذي سيتواصل كما في المراحل السابقة.
مرة جديدة تفرض الأحداث نفسها على الواقع الدرزي، فأمن الجبل يبقى الهاجس الأكبر وبوصلة الكثير من المواقف السياسية، ما يبرّر المسارعة الى تطويق أحداث الساعات الماضية وتحييد وزارة الأشغال عن إلصاق التهمة بها.
وفي هذا السياق، شددت مصادر "الإشتراكي"، عبر موقع mtv، على ضرورة الاطلاع على القوانين والأصول والصلاحيات قبل رمي التهم بشكل عشوائي، مشددة على أن المسؤولية بالقانون تقع مناصفة على عاتق وزارة الداخلية من خلال جهاز أمن المطار، ووزارة المالية لأن صلاحية التفتيش هي لجهاز الجمارك التابع لها.
وتوقفت مصادر "الاشتراكي" عند زيارة جنبلاط الى بري، والعلاقة بين الرجلين التي كانت دائماً صمّام أمان للبلد كما للجبل. وأكدت أنها جاءت لتمنع المغرضين مرة جديدة من الاصطياد بالمياه العكرة، ومحاولة التنمير على هذه العلاقة، واصفة إياها بالقول: "بتهتز ما بتوقع".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك