لم تهدأ بعد التحرّكات الاحتجاجية ضد وكالة "الأونروا" في لبنان رفضاً لقرار المفوّض العام فيليب لازاريني بفصل خمسة موظفين بحجة مخالفة "الحيادية". ولا تزال الفصائل الفلسطينية والحراكات الشعبية والشبابية تغلق مكاتب الوكالة ومقرّاتها في المدن والمخيّمات الفلسطينية، مطالبةً بالتراجع عن القرار.
وزاد أخيراً من حدّة التوتر بين القوى السياسية والشعبية وإدارة "الأونروا" القرار الجديد الذي أصدره لازاريني بسحب كتاب اللغة العربية لطلّاب الصفّ الخامس في مدارس الوكالة في الضفة الغربية، والاستيعاض عنه بملف "مواد التعلّم الذاتي". وتضمّن القرار إبلاغ رؤساء المديريات التعليمية، على غير العادة، بضرورة التزام التنفيذ من دون تأخير.
واعتبرت مصادر فلسطينية في حديثها إلى "نداء الوطن" أن السكوت عن تمرير هذا القرار سيفتح الباب أمام تعميمه على جميع المخيّمات الفلسطينية، في حين لا تزال ماهية "مواد التعلّم الذاتي" مجهولة حتى الآن. وأكدت أن هذا الإجراء من شأنه "حرمان آلاف الطلاب من التعرّف على تاريخهم الوطني ورموزهم النضالية، مثل دلال المغربي".
وشدّدت المصادر على "أن الهدف الحقيقي وراء إلغاء أحد أهم الكتب في المنهاج الفلسطيني، لم يكن تحسين جودة التعليم، بل الرضوخ للضغوطات الإسرائيلية – الأميركية، في محاولة لطمس الوعي الفلسطيني وإقصاء المفاهيم التي تعزّز روح المقاومة تحت ذريعة محاربة الكراهية وعدم التسامح".
وأشارت المصادر إلى" أن الحفاظ على استمرارية "الأونروا" وضمان تدفّق التبرّعات المالية اللازمة في ظلّ المخطط الأميركي – الإسرائيلي لإنهاء عمل الوكالة وتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، لا يكونان من خلال خضوع الإدارة ومفوّضها العام للابتزاز السياسي، لأن التنازلات في هذه الحالة ستتوالى من دون توقف".
إملاءات وتناقض
في هذا السياق، وجّه رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد أبو هولي، رسالة إلى المفوّض لازاريني عبّر فيها عن رفض هذا القرار، معتبراً أنه "انتهاك للاتفاقيات الموقّعة بين "الأونروا" والدول المضيفة، والتي تقتضي تدريس المنهاج الرسمي المعتمد".
وأكد أبو هولي أن القرار يعكس "استجابة غير مقبولة للإملاءات الأميركية – "الإسرائيلية" واشتراطات بعض الدول المانحة"، مشدداً على أنه يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، إذ إن وكالة "الأونروا" ملزمة بتدريس المنهاج الذي تقرّه الحكومة الفلسطينية ودوائر التربية فيها، ولا يحق لأي جهة التلاعب به أو حذف فصول منه".
قرار مستغرب
من جانبه، أعرب مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، عن استغرابه من إصدار هذا القرار الإداري بشكل مباشر من قبل المفوّض العام إلى مديريات التعليم، واصفاً إيّاه بـ "الإجراء الخاطئ من الناحية البروتوكولية". وأوضح "أن الخطوة الصحيحة كانت تقتضي مخاطبة وزارة التعليم، التي بدورها تتولّى توجيه التعليمات إلى مديرياتها".
ورأى هويدي أن المفوّض العام كان ينبغي عليه التنسيق مع دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الجهة التي تمثل الدولة المضيفة، لا أن يتعامل مع "الأونروا" وكأنها كيان مستقل يضع مناهج دراسية خاصة به، بعيداً من المنهاج الرسمي المعتمد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك