كتبت غريس الهبر في جريدة الأنباء الالكترونية:
بعد بداية استقرار سعر صرف الليرة، عاد هذا الهمّ ليشغل اللبنانيين، بعد الحديث عن تغيّر ما في سعر الصرف، واحتمال انخفاض قيمة الدولار إلى أرقام قياسية، وربط ذلك باقتراب استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة البرلمانية المزمع انعقادها في التاسع من كانون الثاني.
وما عزز هذا الاعتقاد، العروضات التي قدمتها بعض المصارف للعملاء بتجميد الحسابات بالليرة على مدى 3 أو 6 أو 9 أشهر أو سنة مقابل فوائد تتراوح بين 30 و45 % وذلك استناداً إلى حجم الوديعة والمدة الزمنية لتجميد المبلغ المودع.
بداية، "ما يحدد سعر الصرف هو العرض والطلب في السوق وكلاهما مرتبط بحجم الكتلة النقدية التي يضخها مصرف لبنان، لا سيما أنها الحكم الفاصل على المديين المتوسط والبعيد"، وفق ما يوضح الباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق، كارابيد فكراجيان.
فسعر الصرف لا يحدده استحقاق رئاسي أو أي استحقاق آخر، وفق فكراجيان وأن ضبط الكتلة النقدية يبقي سعر الصرف ثابتاً، مشيراً إلى أنه خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان مررنا بمرحلة توتر أمني، ولم يتأثر سعر الصرف وكان يتم التعامل بالليرة والدولار دون أي تأثر.
وفي التفاصيل، يقول فكراجيان أن الكتلة النقدية ارتفعت من 30 تشرين الثاني 2024 ولغاية 15 كانون الأول 2024 بنسبة 12.03%، مبدياً خشيته من أي تنامي إضافي في الكتلة النقدية، ومحذراً من أننا سنكون حينها أمام خشية من إنهيار سعر صرف الليرة، على حد تعبيره.
إلى ذلك، لا يرى فكراجيان أي مؤشرات تفضي إلى تحسن سعر الصرف، ويعتبر أن وضع إجراءات لضبط سعر الصرف سيكون خياراً إيجابياً، ومشدداً على أن البحث بتخفيض سعر الصرف لن يكون توجهاً سليماً.
وفي هذا الصدد، يشرح فكراجيان بأن أي خفض لسعر الصرف أو دعم الليرة بعد الانهيار ليس شيئاً محبذاً، لا بل على العكس من ذلك، إلا إذا حصل ذلك بفعل متغيرات العرض والطلب في السوق، أو اعتماد سعر الصرف العائم، والذي لا يُعتمد ويُطبق في لبنان، وما زلنا نتّبع سياسة تدخل مصرف لبنان بالسوق".
ويرى أن أي تدخل من "المركزي" لن يوفر حلاً مستداماً أو مسار معالجة جيد، مذكراً بما حصل قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة، عندما تدخل مصرف لبنان، ولم يؤد ذلك إلى ثبات سعر الصرف، إذ عاد وارتفع عقب انخفاضه.
ويحث فكراجيان مصرف لبنان والحكومة ومجلس النواب على تبني سياسة نقدية سليمة، "إما من خلال تثبيت حجم الكتلة النقدية عبر تشريع من المجلس النيابي، على سبيل المثال على ما هي عليه حالياً، والتي تبلغ 55.81 ترليون ليرة، أو إتباع "الدولرة" الشاملة أو الذهاب إلى خيار مجلس النقد"، مشدداً على أن "أي خيارات أخرى ستكون سياسات ظرفية وترقيع وسندفع بالأزمة إلى الأمام ما يؤدي إلى تعمقها في المستقبل".
بالمحصلة، إن فترات عدم الاستقرار التي عاشها اللبنانيون نتيجة التلاعب أو تغيّر سعر الصرف، وكبدت الكثيرين خسائر في أعمالهم وادخاراتهم المصرفية، تدفعهم إلى سؤال المعنيين عن مستقبل الواقع النقدي والمالي كي لا يعيد التاريخ نفسه!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك