كتب داود رمال في "الأنباء" الكويتية:
شهدت الجبهة اللبنانية تطورا ميدانيا لافتا مع الخرق الإسرائيلي المتمادي لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو اتفاق حساس أتى بعد تصعيد عسكري استمر أسابيع (65 يوما من الحرب الضارية) وشاركت فيه أطراف دولية وعربية لضمان تهدئة الوضع.
تمثل هذا الخرق بتوسيع إسرائيل دائرة اعتداءاتها، ورد ««حزب الله» بقصف مواقع محددة في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها، ما أثار تساؤلات حول أبعاده ومخاطره واحتمال انهيار الاتفاق.
وتحدث مصدر ديبلوماسي في بيروت إلى «الأنباء» عن الأبعاد الاستراتيجية للخرق الإسرائيلي، وقال «لا يمكن قراءة الخطوة الإسرائيلية بمعزل عن التطورات الإقليمية، فهي تحمل أبعادا سياسية وعسكرية متعددة وهي:
٭ أولا: استعراض القوة: ترغب إسرائيل في إيصال رسالة مفادها بأنها لاتزال صاحبة اليد العليا في الميدان، وأنها قادرة على التحرك حتى مع وجود اتفاق تهدئة.
٭ ثانيا: اختبار الجبهة الداخلية والخارجية: يعتبر الخرق وسيلة لاستطلاع استعدادات حزب الله وقدرته على الرد من دون الانزلاق نحو تصعيد شامل.
٭ ثالثا: ضغط على المفاوضات: مع اقتراب بدء عمل لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، قد تكون هذه الخطوة محاولة لتعزيز أوراق الضغط الإسرائيلية وإعادة صياغة بعض البنود لصالحها».
وعن رد «حزب الله» وإذا شكل رسائل مدروسة دون كسر التوازن، اوضح المصدر «جاء رد حزب الله متأنيا ومحددا عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، وهذه منطقة تتسم بحساسية استراتيجية بسبب وضعها المتنازع عليه. ويحمل الرد أبعادا عدة منها: تأكيد الالتزام بالردع، اذ يهدف حزب الله إلى تأكيد أن أي خرق سيواجه برد مباشر، ضمن سياسة توازن الردع. تجنب التصعيد الشامل، باستخدام أسلحة متوسطة المدى وتجنب استهداف مناطق حساسة، ما يظهر حرص الحزب على إبقاء الرد ضمن حدود محسوبة. إرسال رسالة سياسية للتأكيد على عدم التهاون مع محاولات تقويض الاتفاق، لكنه لا يشير إلى رغبة في التصعيد».
وعما كنا أمام انهيار وقف النار، أكد المصدر انه «على رغم خطورة التطورات، يبدو أن الطرفين يسعيان إلى الحفاظ على خطوط حمراء تمنع انهيار وقف إطلاق النار. الخروقات والردود الحالية تحمل طابعا تكتيكيا أكثر منه استراتيجيا، وتهدف إلى تحسين مواقع الأطراف في المفاوضات المقبلة».
واذا كانت الخروقات رسائل نارية أو مقدمة لتصعيد، أشار المصدر إلى انه «يرجح أن يكون التصعيد الحالي رسالة لإبراز المواقف، خصوصا قبل بدء لجنة المراقبة عملها لضمان تنفيذ مراحل الاتفاق، واذا تجاوز أحد الأطراف حدوده التكتيكية أو ارتكب خطأ في التقدير، فقد يؤدي ذلك إلى انزلاق غير مرغوب فيه نحو مواجهة شاملة».
واعتبر المصدر انه «يبقى الوضع في الجبهة الجنوبية هشا وقابلا للاشتعال في أي لحظة. ومع ذلك، فإن المصالح الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الضغط الداخلي على الأطراف المتنازعة، يجعل من الحفاظ على وقف إطلاق النار أولوية قصوى، على الأقل في المدى القريب. والدور المقبل للجنة المراقبة سيظهر ما إذا كان بالإمكان تثبيت التهدئة، أم أن المنطقة ستظل رهينة للتوترات المتكررة».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك