توازي المشاورات السياسية بنسختها الجديدة - القديمة على ملف الحكومة، تكليفاً وتشكيلاً، ادخال الجمل في خرم الإبرة ولو تحت مسميات وعناوين جديدة.
فإذا حصل التوافق- وهو مُستبعد اقلّه حتى الان نتيجة التباعد في المواقف وأصبح المهندس سمير الخطيب رئيساً للحكومة، باعتبار ان اسهمه تُسجّل ارتفاعاً في بورصة الترشيحات، فان طريق تشكيل الحكومة لن تكون مفروشة بالورود وانما ستعترضها مطبّات عديدة تختلف من حيث الاحجام والنوعية.
ولعل المطبّ الابرز الذي سيُشكّل العائق الاكبر امام الحكومة ثقة الحراك الشعبي الذي انتفض في الشوارع منذ 17 تشرين لانه فقد الثقة بالطبقة السياسية القائمة محمّلاً ايّاها مسؤولية الفساد المُستشري في جسم الدولة.
فلو نجح المعنيّون في المشاورات الحكومية في امتحان التكليف والتشكيل، فإن ما ينتظرهم من "امتحان الثقة" من جانب الحراك لن يكون بالسهولة المتوقّعة. فبرأي اوساط سياسية مراقبة عبر "المركزية" "ان الحراك فرض نفسه معادلة اساسية في مسار الاستحقاق الحكومي لا يمكن تجاوزه، فهو ينتظر السلطة "عالكوع" عند طرحها لاسم معيّن لرئاسة الحكومة، وما حصل عند طرح اسم الوزير والنائب السابق محمد الصفدي خير دليل. فما ان سُرّب اسمه في الاعلام حتى بدأت سيرته الذاتية والشركات والمؤسسات التي يملكها تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت، خصوصاً ارقام الارباح التي يحققها نتيجة استثماره الخليج البحري لبيروت المعروف بـ"الزيتونة باي" والمُصنّف بانه تعدّ على الاملاك البحرية للدولة".
والامر نفسه يتكرر مع الخطيب صاحب شركة "خطيب وعلمي"، فما ان كُشف النقاب عن اسمه حتى بات كل لبناني من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وفي دول الاغتراب مُطلّعاً على "سيرته الذاتية" ومشاريع البنى التحتية التي نفّذها في نطاق بيروت، حيث اتّهمه الثوّار بانه ليس بعيداً من الطبقة السياسية القائمة وشركته "خطيب وعملي" "متورّطة" في مناقصات عمومية بأسعار خيالية.
وانطلاقاً من ذلك، اعتبرت الاوساط السياسية "ان الحراك الشعبي بات الناخب الاكبر في الاستحقاق الحكومي وبالتالي لم يعد ممكناً، لاسيما في عصر وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة الوصول الى المعلومات، "الضحك عليه" وتمرير ما لا يناسبه مهما كانت الحجج والاسباب".
والى جانب الحراك، مطب اخر ليس من السهل على اركان السلطة تجاوزه هو الشارع السنّي، اذ لا يُمكن لاي رئيس حكومة ان يدخل السراي الحكومي قبل ان يستحصل على تأشيرة دخول من بيت الوسط اولاً، باعتبار ان الرئيس سعد الحريري هو الممثل الاوّل للسنّة في الدولة وهو ما افرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية الاخيرة، وثانياً من دار الفتوى وضمناً رؤساء الحكومات السابقون.
ولفتت الاوساط المراقبة الى "ان الحيثية السنّية لاي مرشّح لرئاسة الحكومة تُشكّل الاولوية، وتشديد الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة امل على ذلك من خلال الزيارات المكّوكية لـ"الخليلين" الى بيت الوسط اما لاقناع الرئيس الحريري بالعودة عن قراره او تسمية من يراه مناسباً للمهمة، يعكس مدى "ادراكهما" لحساسية التركيبة السياسية في لبنان ولعبة التوازنات الدقيقة التي لا يُمكن اللعب بها".
وبانتظار ان يُحدد رئيس الجمهورية ميشال عون موعداً للاستشارات النيابية المُلزمة لتبيان الخيط الابيض من الاسود في استحقاق حكومة ما بعد 17 تشرين، يبقى السؤال: "هل ينجح اهل السلطة في إدخال "جمل" الحكومة
في خُرم الابرة بعد تجاوز مطبي الحراك والشارع السنّي؟ وماذا عن البيان الوزاري للحكومة المقبلة؟ الن يُشكّل بدوره مطباً اخر قد تبقى الحكومة اشهراً لتجاوز بنوده"؟ تختم الاوساط.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك