أطلق وزير الصحة العامة جميل جبق تحت شعار: "ما تترددي، اعملي الصورة وطمني بالك"، الحملة الصحية الوطنية الأكبر في لبنان للتوعية على سرطان الثدي والتي تستمر حتى نهاية شهر كانون الثاني وتقدم التخفيضات والدعم الكبير للسيدات في المستشفيات الخاصة والحكومية والمراكز الطبية لإجراء الصورة الشعاعية والفحوصات الدورية اللازمة حرصا على الكشف المبكر للمرض في حال وجوده بهدف الشفاء منه.
وتتضمن الحملة في جانبها التوعوي، بموجب تعميم صادر عن رئيس الحكومة سعد الحريري، رفع علم أبيض يعلق قرب/ تحت العلم اللبناني ويحمل أرزة محاطة بشريط الحملة الزهري ويحمل شعارها (ما تترددي، اعملي الصورة وطمني بالك) حيث ستقوم وزارة الصحة بتزويد الإدارات والمؤسسات العامة بهذا العلم.
حضر إطلاق الحملة عدد من سيدات ناجيات من مرض السرطان، كما حضر كل من ممثلة منظمة الصحة العالمية الدكتورة إيمان الشنقيطي، رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث الدكتور نزار بيطار، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي الدكتور عماد الحاج، المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار، نقيب الأطباء في الشمال الدكتور سليم أبي صالح، نقيب الصيادلة الدكتور غسان الأمين، مدير مكتب وزير الصحة العامة الدكتور حسن عمار والمستشار الإعلامي الدكتور محمد عياد، نقيبة الممرضات والممرضين الدكتورة ميرنا ضومط، نقيبة القابلات القانونيات دعد العاكوم، الى ممثلين عن مؤسسات ضامنة ومستشفيات حكومية ومراكز خاصة مشاركة في الحملة وجمعيات غير حكومية ومعنيين.
وحرص جبق على أن يستهل الكلمة التي ألقاها بتوجيه الشكر إلى وسائل الإعلام في لبنان "لكونها تؤدي دورا رئيسيا في مساعدة وزارة الصحة على نشر التوعية في مجتمعنا وتحقيق ما نسعى إليه من تحسين لأوضاعنا الإستشفائية والصحية. فإذا لم يكن الإعلام متعاونا ومسؤولا، لا يمكن تحقيق هذه الأهداف بسهولة".
ووجه نداء "من القلب الى كل الأمهات والأخوات والزوجات والبنات لعدم التهاون مع سرطان الثدي". وقال: "إن مواجهته أمر سهل، لأن الكشف الدوري السنوي كل سنة أو سنتين، حسب وضع كل سيدة، يحمي الحياة وينقذها من مرض قد يقضي عليها في حال إهماله ويدمر الحياة العائلية".
وأكد جبق أنه "بموجب هذه الحملة، يمكن إجراء صورة شعاعية شبه مجانية للنساء، على أن يتم السعي لأن تكون هذه الصورة مجانية في مراكز الرعاية الأولية والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع عدد من المستشفيات الحكومية وعدد من المراكز الطبية".
وتناول موازنة وزارة الصحة وأعلن أنها "زادت هذه السنة وبالاتفاق مع مجلس الوزراء مبلغ 25 مليارا، ما يشكل تطورا إيجابيا يساعد على إنجاز الكثير من الأمور الأساسية، خصوصا أن كلفة العلاجات الحديثة التي بدأ اعتمادها في السنوات الأخيرة باهظة ولكنها فعالة جدا في علاج المرضى وإنقاذ حياتهم".
وأكد أن "الوزارة تؤمن العلاجات على حساب موازنتها"، آملا من الجهات الضامنة في لبنان مساعدتها في هذا المجال. وتوجه إلى هذه الجهات مذكرا إياها بأن "وزارة الصحة العامة هي المرجعية الطبية الوحيدة التي يجب على هذه الجهات من ضمان وشركات تأمين الإلتزام بها، وبما تصدره من تعليمات وقوانين وما تضعه من بروتوكولات علاجية، بحيث لا تضع الجهات الضامنة إستثناءات لأدوية أو بروتوكولات أو عمليات تعترف بها وزارة الصحة العامة وذلك لتخفيض الكلفة عنها ما يوقع المريض في مأزق ومشكلة".
وشدد جبق على أن "ما تقوم به الوزارة على صعيد وضع بروتوكولات الأدوية يتم بالتعاون مع أساتذة متخصصين في كليات الطب وجمعيات لبنانية متخصصة بالأورام والأمراض الخبيثة". وتمنى على كل الجهات الضامنة "التزام هذه البروتوكولات، فلا يلجأ المريض إلى وزارة الصحة للحصول على دوائه في حال كان مضمونا أو لديه تأمين"، متمنيا أن يكون الدواء الذي تعترف به وزارة الصحة يعترف به الجميع للإشتراك في تخفيف الأعباء.
وكانت الإعلامية إسبرانس غانم التي قامت بتعريف الحفل، قدمت شهادتها الخاصة في مجال الإصابة بسرطان الثدي عن عمر مبكر بلغ ستة وثلاثين عاما، في وقت لم تكن تعتبر من النساء المعرضات للإصابة لكونها من غير المدخنات وليس لديها سبب وراثي أو وزن زائد. وقالت غانم إنها اكتشفت إصابتها بالمرض من خلال الفحص الذاتي، وتبين بالفعل أنها مصابة بسرطان الثدي من الدرجة الثانية ومن النوع الفتاك.
وتساءلت: "لو أهملت نفسي، أين كنت قد أصبحت اليوم؟" وتوجهت إلى كل السيدات مؤكدة أن "المهم عدم الخوف، بل الإقدام على إجراء الفحوصات الدورية في الوقت اللازم لأن الكشف المبكر مفتاح النجاة".
ثم أوضح عمار أن "سرطان الثدي من أكثر الأمراض السرطانية شيوعا حيث يشكل 42% من أمراض السرطان عند المرأة و21% من الإجمالي العام في لبنان".
وقال إن "الوزارة تريد إيصال ثلاث رسائل من خلال الحملة، أولا أن كل امرأة تعتبر معرضة للإصابة بسرطان الثدي، ثانيا أنه يمكن الشفاء تماما من هذا المرض باكرا، ثالثا إن العلاجات اللازمة لذلك متوافرة. كما أن طريقة الإكتشاف المبكر بسيطة وغير مكلفة وبمتناول الجميع، وهي عبارة عن فحص ذاتي متكرر للثدي شهريا إبتداء من سن العشرين وإجراء صورة شعاعية Mammography كل سنة ابتداء من سن الأربعين أو من سن الخامسة والثلاثين للواتي لهن قريبات أصبن بهذا المرض".
وأشار إلى أن وزارة الصحة العامة تحدد تعرفة مخفضة لصورة الثدي هي 40 ألف ليرة، وتضع لائحة بالمستشفيات والمراكز التي تتعهد التزام هذه التعرفة خلال الحملة التي تستمر 4 أشهر (أي لغاية 31 كانون الثاني 2020)، وقد بلغ عدد هذه المستشفيات والمراكز هذا العام 90، علما أن 25 مستشفى حكوميا سيقدم هذه الخدمة مجانا.
وطمأن الى أن "عدد النساء اللواتي يخضعن لتصوير الثدي يزداد عاما بعد عام، فبعدما كانت هذه النسبة 11% في بداية الحملات عام 2002 وفقا لدراسة ميدانية أجريت في حينه، ناهزت هذه النسبة حاليا الـ 50%. وقد بدأت هذه الحملات تعطي ثمارها بحيث أصبح تشخيص المرض يتم في بداياته، فحوالى 70% من الحالات تشخص حاليا في المرحلة الأولى والثانية لترتفع بذلك نسبة الشفاء بشكل ملحوظ. كما أن العلاجات المتطورة متوافرة في لبنان وتؤمنها وزارة الصحة مجانا، بالإضافة إلى تغطية عمليات ترميم الثدي للمرضى غير المضمونين".
أما الحاج فتحدث عن أهمية تقديم الدعم المتكامل للمرضى واقترح اختيار عنوان متمحور حول "عناية كاملة متكاملة" لمواجھة سرطان الثدي. وقال:" كلما تعمقنا في دراسة هذا المرض اقتنعنا أكثر أن المشكلة متعددة الأوجه والطريقة المثلى لمواجھته ھي مناقشة كل حالة سرطان ثدي من قبل مجموعة من الإختصاصيين في هھذا المجال، كل يقارب المشكلة من وجھة نظر إختصاصه، بحيث يصار في نھاية النقاش إلى اتخاذ القرار بطريقة العلاج الكامل لكل حالة على حدة . وهذه الطريقة في العلاج اصبحت قانونا في عدة بلدان أوروبية، وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال أصبح من الضروي تقديم دليل موثق انه تمت مناقشة اي حالة سرطان من قبل "اللجان المتعددة الإختصاصات" لتغطية نفقة العلاج من قبل الحكومة. ولفت إلى أن مراكز عدة في لبنان تتبع هھذه المنھجية، ولكن من الضروري ان تطبق العناية الكاملة المتكاملة لسرطان الثدي في جميع المراكز الطبية في لبنان. وتمنى على وزارة الصحة العامة ونقابة الأطباء واللجان المختصة العمل على دعم ھذه الظاھرة والتوجه الى الأطباء بوجوب تطبيق هھذه الآلية في علاج جميع حالات السرطان.
بدوره أوضح بيطار أن "الهدف من الحملة التوعية منعا لاكتشاف المرض في مراحل متقدمة حيث يصبح العلاج أكثر صعوبة وكلفة". وقال: "الحملة تتوجه للناس الأصحاء. فالمرأة التي لا تشعر بشيء عليها إجراء الصورة الشعاعية".
ولفت إلى أن "الأبحاث أدت إلى تطور مذهل في العلاج الجراحي وسهلت العمليات الجراحية التي أصبحت أكثر سهولة وأقل تشويها. كما أن التطور الكبير في العلاج يتمثل في اكتشاف أدوية جديدة ووسائل علاجية مركزة توجه لمرضى معينين وعلاجات هرمونية أدت إلى إطالة عمر المصابات من عدة أشهر إلى أكثر من أربعين شهرا. وقد سمح ذلك بممارسة طب تشخيصي وطب دقيق ما حول أمراض كهذه إلى أمراض مزمنة يمكن التعايش معها سنوات طويلة وعديدة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك