يجمع الخبراء الأميركيون، على أن تطورات الاحداث في الآونة الاخيرة ساهمت في نسف عنصر «الردع» الذي كانت الولايات المتحدة تفرضه على ايران في منطقة الخليج، غالباً بسبب تردد الرئيس دونالد ترامب في الرد على الاستفزازت الايرانية، فيما يعتقد باحثون آخرون ان البحرية الاميركية تمر في فترة انعدام وزن بسبب تطوير روسيا والصين وايران صواريخ تجبر السفن الاميركية على الابتعاد اكثر فأكثر عن شواطئها، ما يحرم المقاتلات الاميركية من الوصول الى اهداف تصبح أبعد فأبعد.
وفي «منتدى سياسات» انعقد في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى، قالت الباحثة سوزان مالون إن من الواضح ان «الولايات المتحدة فقدت أي تأثير رادع على إيران»، معتبرة ان الحال سيبقى على ما هو عليه الى ان تقرر ادارة ترامب «اجبار ايران على دفع ثمن افعالها الاخيرة».
واضافت ان «الأدوات المالية فعالة للغاية في الضغط على الاقتصاد الإيراني، لكنها لم تثبت حتى الآن أنها تستطيع تغيير حسابات النظام السياسية»، ما يعني ان «واشنطن تحتاج إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات، من خلال إطار ديبلوماسي شامل، يحدد رؤية الإدارة لمستقبل إيران السياسي».
ووافق مالون زميلها في المعهد نفسه نورمان رول، الذي قال ان «أكبر ضحية للتطورات الاخيرة مع ايران هو الردع الأميركي». وتابع ان «احدا لا يشك ان ايران مسؤولة عن قائمة طويلة من الانتهاكات الدولية، ومع ذلك فقد رأى الجميع ان النظام (الايراني) مستمر من دون ان يدفع الثمن».
واعتبر رول ان انهيار عنصر الردع ليس مشكلة مع الايرانيين فحسب، بل ان «الاطراف والمجموعات المارقة في جميع انحاء العالم تراقب وتستوعب هذا الدرس بالتأكيد».
ومثل مالون ورول، اعتبر خبير ثالث من المعهد نفسه، هو مايكل سينغ، ان «خيارات ايران، وتكرارها الهجمات، يتطلب الردع»، وان على «واشنطن ان تكون مستعدة لمواجهة الأنشطة الايرانية بأنشطة مماثلة». واعتبر ان الضغط الاقتصادي وحده لا يجدي مع الايرانيين، داعيا الولايات المتحدة الى التصعيد، بما في ذلك اللجوء الى خيار الهجمات العسكرية السرية ضد اهداف ايرانية.
وقال سينغ ان ايران «ستواصل بلا شك ممارساتها المتمثلة في شن نوع واحد من الهجمات في كل هجوم، في انتظار رد الولايات المتحدة، الذي يهدف إلى مواجهة هذا التهديد المحدد، اذ ذاك تتحول ايران الى مهاجمة هدف مختلف تماما، وبطريقة مختلفة».
واضاف: «ينبغي على الولايات المتحدة أن تدرك هذا النهج الايراني، وأن تتوقف عن رد الفعل وتنتقل الى المبادرة، وهو ما يجبر طهران على الرد على الأعمال الأميركية، وهذا يعني توسيع نطاق حملة الضغط القصوى من العقوبات حاليا إلى مجالات أخرى، بما في ذلك العمل العسكري السري والضغط الديبلوماسي».
الا ان «انهيار الردع» الاميركي في وجه ايران قد يكون لاسباب غير تردد ترامب، حسب الباحث مايكل موران، الذي قال ان «البحرية الاميركية ليست جاهزة لمواجهة ايران».
وفي مقالة في مجلة «فورين بوليسي»، قال موران ان الصواريخ المضادة للسفن التي طورتها الصين وايران، يبلغ مدى بعضها 1600 كيلومتر، وان طهران طورت صواريخ «نور» البحرية، ذات مدى 160 كيلومتراً، وهذه اصابت المدمرة الاميركية «يو اس اس مايسون» في العام 2016 عندما اطلق الحوثيون في اليمن هذا النوع من الصواريخ عليها.
ويبلغ مدى تحليق معظم المقاتلات الاميركية، غير قاذفات «ستيلث» ومقاتلات «اف 35» الحديثة، نحو 800 كيلومتر، ما يعني ان اجبار الايرانيين السفن الاميركية على الابتعاد مسافة 200 كيلومتر عن الشواطئ الايرانية يقلص من المدى الذي يمكن للمقاتلات ان تصله في تحليقها، وربما يحرمها استهداف بعض المواقع داخل ايران.
«سوف تمر سنوات قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من استعادة تفوقها البحري السابق»، يقول موران، «وهي سنوات لا يمكن للمرء خلالها ان يفترض سوى ان الصين وروسيا وآخرين سيقومون بتوسيع قدراتهم على حرمان السفن الاميركية من الابحار في مناطقهم»، وفق ما يتابع؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك