أطلق وزير المال علي حسن خليل الخدمات الالكترونية الجديدة التي وضعتها المديرية العامة للشؤون العقارية قيد التنفيذ، في احتفال اقيم قبل ظهر اليوم حضره عدد من المديرين العامين وممثلين عن مختلف المؤسسات الرسمية والشخصيات الاقتصادية والاجتماعية وسفراء ورجال دين وحشد من المهتمين.
وألقى خليل كلمة شدد فيها على أهمية التطوير مشيرا إلى ان "التطورات السياسية التي حصلت على مستوى البلد واعادة انتظام الحياة السياسية والمؤسساتية يضعنا امام مسؤولية استثنائية في ان نحدث تغييرا حقيقيا في عمل الدولة، على طريق الحكومة الالكترونية والإصلاح".
وقال: "يشرفني أن أقف مرة ثانية في هذا المكان بالذات لأشهد معكم على تطور عمل واحدة من إدارات الدولة التي كان وربما ما زال يطرح الكثير من الأسئلة والتحديات أمامها كإدارة رائدة يتصل عملها بعموم الناس، إذ إن جميع المواطنين يحتاجون بطريقة أو بأخرى إلى التواصل مع وزارة المال ومع المديرية العامة للشؤون العقارية. وهذا يحمل هذه الإدارة مسؤولية استثنائية في كيفية فهم ووعي دورها والعمل دائما نحو التطوير ونحو الاقتراب أكثر من مشاكل الناس وقضاياهم والعمل على حلها.
نحن اليوم في هذا اللقاء نؤكد إرادتنا الواضحة وثقتنا الأوضح بقدرة وطننا على الصمود والبقاء والتطور، وبقدرته على مواكبة كل تطورات العصر والاحتكام دوما إلى ما يعزز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.
إن مسؤوليتنا الأولى من موقعنا السياسي والوزاري هي أن نستطيع التطور نحو الأمام وألا نقف عند الحدود التي تكرست بفعل واقع الإدارة أو السياسة أو التدخلات والتسليم بالأمر الواقع وكأن الجمود هو الأمر المحتوم وبقاء الفوضى وعدم السير بخطوات إصلاحية جدية هو القدر المحتوم أيضا. إن فهْمنا ووعْينا للدور الذي نقوم به هو أننا نستطيع خرق كل الحواجز أمام الإبداع والتطوير وتحديث الإدارة بأفضل صورها ووجوهها".
وأضاف: "إن الإنهاك الذي أصاب الناس نتيجة الأزمات السياسية المتعاقبة التي عصفت ببلادنا والتي ربما أدت إلى تعطيل عمل المؤسسات السياسية الكبرى في البلد في مرحلة من المراحل، أفقدت الناس الثقة بقدرتهم على النهوض. ولكننا معكم اليوم ومع التطورات السياسية التي حصلت على مستوى البلد وإعادة انتظام الحياة السياسية فيه والحياة المؤسساتية من رئاسة الجمهورية إلى عمل المجلس النيابي والحكومة وإطلاق ورشة عمل جدية على الوزارات والإدارات المختلفة، فهذا الأمر يضعنا اليوم وغدا أمام مسؤولية استثنائية في أن نحدث تغييرا حقيقيا في عمل الدولة والإدارة والمؤسسات. نحن على ثقة بأننا لم نعد نستطيع أن نبقى واقفين، وأولى خطوات مشروع تطوير الإدارة العامة تبدأ باعتماد المكننة والأساليب الإلكترونية الحديثة للعمل الإداري. نحن إلتزامنا في وزارة المالية ألا يبقى شعارا وأن نبدأ بشكل جدي وفعلي في تنفيذ الحكومة الإلكترونية بكل أشكالها وأوجهها وأن نضعها في خدمة المواطن والدولة. وهذا الالتزام لم نبدأه اليوم إنما نعلن عن بعضه القليل اليوم ليستكمل في أقرب فرصة ممكنة في سلة واسعة من الخدمات الإلكترونية على مستوى مديرية المالية العامة. وهذا الأمر سيحدث بالتأكيد فرقا إيجابيا في عمل الوزارة والإدارة نحو الأفضل وهو أثر يجب أن يستكمل على مستوى كل الوزارات والإدارات في الدولة وهو أمر ليس صعبا لكنه يحتاج إلى إرادة وإرادتنا موجودة وباستطاعتها أن تحدث هذا التغيير الذي نتحدث عنه".
ورأى أن "الطاقات اللبنانية هي التي تنفذ الكثير الكثير من الحكومات الإلكترونية للدول الصديقة والشقيقة ونعرف الكثير من الشركات الرائدة على هذا الصعيد التي تعمل بشكل جدي في كثير من هذه الدول وهذه الطاقات اللبنانية هي المسؤولة عن بناء الحكومات الإلكترونية وعن التطوير المعلوماتي وعن إدارة الكثير من المؤسسات والإدارات في هذه الدول. وبالتالي الأحرى بلبنان أنْ يستفيد أكثر بكثير من طاقاته المغتربة والمنتشرة والتي تعمل في معظم المؤسسات المختصة في هذا الشأن".
أكد أن "هذا الأمر ليس مجرد عمل تقني إنما هو خطوة في طريق إصلاح الإدارة وتطويرها. وعملية الإصلاح التي ننشدها هي أيضا عملية باستطاعتنا أن نصل إليها وهذا يتطلب أن نرفع الغطاء أي غطاء سياسي عن أي مخالف في هذه الدولة مهما علا شأنه وألا يشعر أحد من الموظفين إلى أي جهة أو طائفة أو منطقة انتمى بنوع من الحماية السياسية، وأن يشعر بأن مسؤوليته هي أمام الدولة ومؤسساتها وأمام أجهزة الرقابة ومؤسساتها بالتالي فإن المسؤولية تقتضي عليه القيام بواجباته بأكمل وجه. علينا فعلا أن نخرج من منطق الإمارات والمحميات والزواريب في الإدارة العامة وأن ننتقل إلى المرحلة التي يشعر فيها المواطن أن حقه هو من هذا الموظف، وأن الموظف من واجبه العمل من أجل إحقاق حق هذا المواطن".
وقال: "اليوم نحن نستطيع أن نصل إلى منظومة أفضل على هذا الصعيد بعد أن اكتملت أجهزة الرقابة في الدولة واكتملت التعيينات فيها وهذا كان توجه الحكومة الأساسي. لكن المطلوب منا كقوى سياسية وكمسؤولين سياسيين أن ندع أجهزة الرقابة تعمل بكامل طاقاتها من دون أي اعتبار آخر سوى المصلحة التي تقتضيها ممارسة هذا الدور. لا يصح أن نسمي أجهزة للرقابة وإدارات للرقابة العامة وأن نفرض عليها القيود التي تعطل دورها الحقيقي.
نقول ذلك من موقع الناقد لنفسه ولموقعه لأن الأمر لم يعد يحتمل الكثير من الترهل والفوضى التي أحدثت خلال مراحل متعاقبة على مستوى الدولة ككل. إن معركة الإصلاح ومعركة مواجهة الفساد هي معركة جماعية تتطلب تضافر كل الجهود؛ الدولة ومؤسساتها، القطاع الخاص، الناس، وسائل الإعلام وبالتالي الأجهزة الأخرى. فالعملية لا يمكن أن تكون عملية فردية خاصة بمجموعة لأنه إذا استمرينا على هذا الصعيد وعلى هذا المستوى من الترهل فإننا أمام مخاطر حقيقية وبنيوية تتصل بعمل الدولة وقوتها وبقائها.
نقول هذا الكلام من منبر المديرية العامة للشؤون العقارية لنؤكد أن مسؤوليتنا في هذا القطاع بالتحديد هي مستمرة لن نقف فيها عند حدود. لا عند حدود موظف مخالف يعتقد أن لديه القدرة على التهرب ولديه القدرة على الغش وأن يمارس دوره على حساب الناس وأرزاقهم وأملاكهم من دون محاسبة حقيقية. هنا أجدد قولا قلته في السابق وربما شعر البعض أن المسألة قد مرت أو قد تمر بشكل عابر، وهو أن هناك متابعة حقيقية لكل العاملين في هذا القطاع وهي متابعة استوجبت في السابق، وربما بضجة أقل إعلاميا، وستستوجب في المرحلة المقبلة، اتخاذ إجراءات مباشرة بحق كل شخص مخالف وربما يعتقد أن أعيننا لن تصل إليه".
وتابع: "على صعيد تطوير العمل في هذه المديرية، نحن التزمنا أن نعمل على توسيع أمانات السجل العقاري على مستوى لبنان، وهذا الأمر ليس ترفا بأننا نريد أن نوسع فقط. بل إن الدفع والعمل باتجاه التطوير يستوجب أيضا التخفيف عن كاهل المواطنين بالعمل على تنفيذ اللامركزية بمعناها الحقيقي وهذا الأمر قد حصل من خلال افتتاح أمانات جديدة للسجل العقاري في بعلبك وراشيا ومرجعيون وقريبا جدا في الكورة وعكار ولاحقا في جب جنين. هذا التوسع الأفقي، هذا الانتشار على مستوى أمانات السجل العقاري، نعي تماما أثره الإيجابي في تأمين الفرص للناس للتواصل أكثر والتسهيل عليهم وبالتالي تشجيع المناطق وتعزيز ارتباط الناس بأرضهم مهما كانوا قريبين أو بعيدين عن مركز السلطة والقرار.
نحن على صعيد المديرية العامة للشؤون العقارية أيضا لدينا مشروع طموح وقد خطاه العملية وبدأنا مراحل ما قبل التنفيذية، وأنجزنا جزءا من التحضيرات سنستكملها مع "البنك الدولي" بتمويل كبير لتطوير كل ما له صلة بالشؤون العقارية على أكثر من مستوى. وهذا الأمر بالتأكيد سيحدث فرقا استثنائيا ومهما جدا في واقع هذه الإدارة والدولة ككل لأن إدارة الأراضي وإدارة الشأن العقاري تتصل التصاقا وثيقا بتطور الوضع الاقتصادي وبتحسنه وبتحريك عجلة الاقتصاد وبالتالي في الدفع باتجاه التصحيح الحقيقي في وضعنا المالي والاقتصادي على مستوى الوطن ككل. هذا القطاع وأنا أعرف شخصيا تحدياته، وأعرف الكثير من الأزمات التي تواجهه، وبعض المطورين العقاريين والعاملين في هذا الشأن ونقاباتهم موجودون معنا وأعرف بعضا من الألم الذي يعانونه نتيجة التراجع المرحلي في هذا القطاع ولكن علينا ان نعي أن قيمة الأرض في لبنان نظرا لمساحته وحجمه الاقتصادي هي قيمة عالية ومرتفعة، بقدر ما استطعنا تنظيم استثمارها وترشيد كل ما يتصل فيها، كانت جزءا من حركة الاقتصاد نحو الأفضل".
وأضاف: "اليوم نشهد معا خلال هذه المرحلة على إعادة تصحيح في واقعنا المالي والاقتصادي من خلال الموازنة العامة التي أقرت عن العام 2017 وقيل فيها الكثير ونعرف أنها أتت متأخرة، ولكنها أتت لتحدث تغييرا حقيقيا يعيدنا إلى انتظام العمل المالي الذي كان خلال 12 عاما مفقودا نتيجة غيابها. والأهم اليوم أننا سنؤسس على ما أقر في موازنة 2017 لنقر موازنة جديدة للعام 2018 بأسرع وقت ممكن، فيها نظرة ورؤية إصلاحية نحو الأمام وفيها بعض الخطوات التي يمكن أن تعزز ليس فقط الشفافية وإدارة المال العام والسيولة والنفقات، ولكن تعزز بطريقة أو بأخرى الحركة الاقتصادية إذا استطعنا نتيجة مجموعة الإجراءات التي يمكن أن نضمنها إياها. نحن على ثقة بأننا سائرون على الطريق الصحيح، سائرون باتجاه إعادة بناء الآليات التي يفترضها وجود الدولة ومنها الموازنة العامة، وأن تأتي منسجمة مع تطلعات الجميع نحو التحسين والتطوير ومواكبة كل ما له علاقة بضبط النفقات والهدر وتحسين الجباية وتحريك كل ما يتصل بالإجراءات الضريبية التي لا تؤذي بل تساعد على وتحريك كل وضعنا العام".
وأكد "أننا مهتمون اهتماما شديدا باستقرارنا السياسي، وأول عناوين هذا الاستقرار أن ننتبه ونلتزم، ونحن ملتزمون إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها. ربما البعض يعتقد أن هذه المسألة لا علاقة لها مباشرة بما نتحدث فيه، ولكن من دون انتظام في الحياة السياسية لا يمكن أنْ يحصل انتظام في عمل الدولة ومؤسساتها. والإرباك ينعكس على كل الوقائع وبالتالي علينا أن نحافظ على استقرارنا السياسي المحصن أمنيا بشكل استثنائي نتيجة جهود الجيش اللبناني ومختلف الأجهزة الأمنية، وقد حققنا، نحن الدولة الصغيرة، الإنجاز الكبير في مواجهة الإرهاب واستطعنا دحره وحماية حدودنا، وبالتالي تعزيز ثقة الناس بهذا الاستقرار الأمني الذي يجب أن يتعزز أكثر بأن مسيرة عملنا السياسي تتجه نحو المكان الصحيح بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والتي يجب أن تستكمل بانتخاب مجلس نيابي جديد. لقد خطونا خطوة أساسية نحو تطوير نظامنا الانتخابي باعتماد النسبية، ولكن هناك الكثير من الثغرات والكلام حول آليات وتقنيات يمكن أن تعيق تطبيق هذا القانون. ولكن ما نقوله بكل حسم ووضوح وصراحة: لن يكون هناك تأجيل للانتخابات النيابية والتي ستجري وفق القانون الجديد وبالآليات التي يسمح بها هذا القانون والتي احتطنا لها في معرض نقاشه في المجلس النيابي. لا خوف على الإطلاق من تأمين آليات تطبيق هذا القانون وبالتالي علينا كلبنانيين مقيمين وكمغتربين في أرجاء العالم أن نستعد وأن نحضر أنفسنا وأن نعمل جادين من أجل إنجاز هذا الاستحقاق في وقته المحدد.
نقول هذا الكلام لنعود إلى البداية، إلى أننا واثقون من قدرة وطننا على القيامة. وواثقون من قدرة هذا الوطن الصغير الذي انتصر على العدوان وعلى الإرهاب وانتصر على ذاته في مواجهة تحديات الاشتباك السياسي الداخلي على مدى سنوات أن باستطاعة هذا الوطن، بإرادة أبنائه وبإرادة المخلصين فيه وبإرادة النخب التي ما زالت متعلقة وتعلق الآمال الكبيرة على وجودها فيه، أنْ ينتصر وأن يقوى أكثر وأن يتعزز وأن نفتخر به كما كنا على الدوام".
وختم: "إلى مزيد من العمل أكثر بكثير من الكلام، إلى مزيد من الإجراءات التي تعيد الهيبة وتعيد الثقة، إلى مزيد من الخطوات التي يجب أن نتحملها جميعا على مستوى إداراتنا ومؤسساتنا المختلفة، وإلى أن نلتقي في الإعلان عن مشروع جديد".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك