كتب أنطون الفتى في "أخبار اليوم":
إذا أخذنا التشنّجات السياسية - الميدانية، التي تسبّبت بها بعض الملفات اللبنانية الساخنة أخيراً، سواء على صعيد التحقيقات في أسباب انفجار مرفأ بيروت، أو أحداث الطيونة، أو قطع العلاقات السعودية - الخليجية مع الدولة اللبنانية، و(إذا) أضفناها الى ما يُمكنه أن ينتظرنا من تشنّجات سياسية - ميدانية، كلّما اقترب موعد الإنتخابات النيابية، نرى بوضوح أن الجيش اللبناني أمام الكثير من التحدّيات التي تنتظره، الى جانب ما يعانيه على المستوى المعيشي.
فمعطيات كثيرة تُفيد بأن الإنتخابات النيابية ستتسبّب بالكثير من التحدّيات الأمنية، خصوصاً إذا استُتبِعَت بمشهد شبيه بذاك العراقي، على صعيد الإحتجاجات، والإتّهامات بحصول تزوير، وصولاً الى استخدام العنف في الشوارع، وعلى مستوى بعض العمليات الأمنية أيضاً.
أوضح العميد المتقاعد الدكتور محمد رمال أن "التغيير الذي كان من المُفتَرَض أن يحصل في لبنان، جرت محاولات سابقة لفرضه في الشارع، ولكنّها لم تنجح لاعتبارات عدّة. ومن هنا، باتت فرص التغيير في الشارع معدومة، والدليل على ذلك هو أننا تجاوزنا الذّكرى الثانية لحَراك 17 تشرين الأول 2019، دون أي تغيير على مستوى الأداء السياسي، وفي المعالجات الرامية الى تحسين الوضع الإقتصادي والمالي والاجتماعي، من خلاله (الحَراك)".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "من هذا المنطلق، صار رهان القسم الأكبر من اللبنانيين حالياً، والمجتمع الدولي أيضاً، هو على حصول هذا التغيير من خلال الإنتخابات النيابية، وأن يكون على مستوى تشكيل السلطة السياسية بما من شأنه أن يُنتج طبقة جديدة في مجلس النواب، تأخذ على عاتقها المبادرات الآيلة الى معالجة المشاكل التي يعاني منها النظام".
وشرح رمال: "لهذا السبب، جرى تقديم موعد الإنتخابات النيابية من أيار الى آذار 2022. وطالما أن هناك إصراراً دولياً على إجراء الإنتخابات، فمن المرجَّح أنه ستكون للمجتمع الدولي، وللهيئات الرقابية الدولية، مشاركة في عمليات المراقبة والإشراف عليها، مع أجهزة الدولة اللبنانية. والهدف من ذلك هو أن لا يُصار لاحقاً الى الطعن بالنتائج، وحصول اتّهامات بالتزوير، كما حصل في العراق".
وأضاف:"بدأت المشكلة في العراق سياسية، من خلال الطعن بنتائج الإنتخابات بسبب الاشتباه بوجود تزوير أو تلاعب في النتائج، وتحوّلت الى أمنية لاحقاً. أما في لبنان، فأعتقد أن ما حصل في العراق يجب أن يكون منبِّهاً للجهات التي ستشرف على الإنتخابات هنا، سواء اللبنانية منها أو اللبنانية - الدولية المشتركة، لأن أي تعرّض لشفافية الإنتخابات من شأنه أن يقود الى توتّرات أمنية، وفوضى".
وأشار رمال الى أنه "طالما أن الإنتخابات محصورة بيوم واحد في كل المناطق، فإن الكلفة اللوجستية على الجيش اللبناني ستكون أقلّ ممّا لو جرت (الانتخابات) في أكثر من يوم، وذلك رغم أنه (الجيش) سيكون مستنفراً 100 في المئة، بالاشتراك مع القوى الأمنية الأخرى".
وتابع:"التعاطي الإداري والسياسي والشعبي الصحيح مع الإنتخابات، يوفّر على الجيش أي إشكالات إضافية أبْعَد من الاستفزازات العادية التي تحصل في أوقات الإنتخابات. ولذلك، من المهمّ جدّاً العمل منذ الآن على الوصول الى موعد الإستحقاق الإنتخابي ضمن أجواء سياسية هادئة، توفّر ضغطاً على الشارع، وتمنع التعبير الفوضوي خلال الحملات الإنتخابية، لأن الأجواء المشحونة تؤدي الى اختلالات أمنية، ستكون مُكلِفَة على الجيش، وعلى القوى الأمنية الأخرى أيضاً".
وعبّر رمال عن خشيته من أن "تحاول القوى السياسية التي لم تُثبت نجاحها في التعامل مع الأزمات المتلاحقة، والتي خسرت من رصيدها السياسي نتيجة ذلك، استرجاع هذا الرصيد من خلال التحريض، والشّحن المذهبي والطائفي، على أبواب الإنتخابات، نظراً لاعتقادها أن ذلك سيرصّ الصفوف حولها من جديد، وسيمكّنها من استعادة الشعبية التي خسرتها".
وختم: "يبقى الرهان لمنع حصول ذلك على حُسن إدارة الإنتخابات النيابية، وعلى القوى السياسية في الوصول الى يوم الإنتخابات باستقرار سياسي، وفي جوّ غير تحريضي، وغير مشحون، وغير استفزازي، وعلى وعيها الى أن البلد لم يَعُد يحتمل المزيد من الخضّات والمشاكل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك