كتبت فاتن الحاج في "الأخبار":
لم تجرؤ رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي على تسجيل موقف واضح من العودة إلى الصفوف وفتح الثانويات الرسمية، رغم أن 55.5 في المئة من الأساتذة، بحسب أرقام الرابطة، صوّتوا في الجمعيات العمومية ضد العودة. بيان الرابطة بالنتائج صدر بعد أكثر من 100 ساعة من انتهاء التصويت، وأتى باهتاً وحمل موقف «اللاموقف»، كما كانت التوقعات. وبدلاً من أن تحتكم الهيئة الإدارية للرابطة الى رأي القواعد وتعلن الاستمرار في المقاطعة، هربت إلى الأمام ووضعت الكرة في ملعب الحكومة المأزومة أصلاً، فاكتفت في التعليق على التصويت بالقول: «لا يسع الرابطة إلا أن تحترم رأي الموقفين، الموافق والمعارض للعودة إلى الثانويات، وهنا نحمّل الحكومة تداعيات مقاطعة الأساتذة العودة، وبالتالي عليها أن توجد الحلول السريعة لتلبية مطالبهم وانتظام العام الدراسي»، علماً بأن الأساتذة خذلوا الرابطة التي كان معظم أعضاء هيئتها الإدارية مع العودة.
البيان «المغمغم» استدعى تسجيلاً صوتياً لشرحه، نشره أحد الأساتذة (علمت «الأخبار» أنه ليس عضواً في الرابطة) وقال فيه إنه ينقل توضيحاً من الرابطة ومن رئيسها، نزيه جباوي، ليؤكد «أننا ما زلنا في الرابطة نقاطع العودة، ومن يريد أن يعود إلى ثانويته ويوقّع على جدول الحضور، من دون أن يعلّم مغطّى من الرابطة، ومن لا يريد أن يحضر مغطّى أيضاً، لكن من كان يسكن في مكان بعيد عن ثانويته ويريد أن يحضر ويوقّع، يتصرف بعكس قناعاته».
عضو الهيئة الإدارية للرابطة سليمان جوهر قال لـ«الأخبار» إن التقديمات المعروضة من الحكومة لا تلبي الحد الأدنى الذي يؤمن وصول الأساتذة إلى ثانوياتهم، وبالتالي لا أحد يستطيع أن يحمّلهم المسؤولية. فيما دعت الأستاذة في التعليم الثانوي النقابية إيمان حنينة إلى «دولرة 35 في المئة من الراتب بدلاً من المطالبة بمنحة اجتماعية لا تتعدى 35 في المئة من الرواتب الهزيلة».
جوهر دعا الأساتذة إلى أن يكونوا «إيجابيين وصلبين في الوقت نفسه، وأن يحذوا حذو أساتذة الجامعة اللبنانية الذين استطاعوا في السابق، من خلال إصرارهم على موقفهم، أن يحصّلوا بعض الحقوق، وحالياً هم في مواجهة مع الحكومة التي لا تلبي الطموحات».
وبحسب ماكينة فرز الرابطة، بلغ عدد الأساتذة المشاركين في التصويت 4516 من أصل 7002 أستاذ في التعليم الثانوي الرسمي، أي بنسبة 64.5 في المئة. ومن بين المشاركين، رفض 2508 العودة (55.5 في المئة)، وأيدها 1790 أستاذاً (39.6 في المئة)، وامتنع عن التصويت (4.9 في المئة). والجدير ذكره أن الرابطة استفتت الأساتذة مرتين: الأولى في الاستبيان عندما صوّت 70.8 في المئة من الأساتذة ضد العودة، بحسب أرقام الرابطة أيضاً، والمرة الثانية في الجمعيات العمومية.
في المقابل، قدمت «لجنة الأقضية» التي تنتمي إلى المعارضة المستقلة قراءة مختلفة في النتائج الأولية، إذ شارك، بحسب أرقامها، 3127 أستاذاً، عارض منهم 2112 أستاذاً العودة أي بنسبة 66 في المئة، وأيّد العودة 844 أستاذاً، أي بنسبة 26.4 في المئة، وامتنع 171 أستاذاً، أي بنسبة 5.4 في المئة.
التيار النقابي المستقل أشار في بيان إلى «تخبط أطراف هيئة التنسيق، وخصوصاً رابطة الثانوي، بسبب ضغط المكاتب التربوية لإنهاء التحرك والقبول بالاتفاق الهزيل، في مواجهة الموقف العارم للأساتذة والمعلمين الذين أكّدوا تمسكهم بالإضراب: على التوالي في الاستبيان (أكثر 85 في المئة) وفي الجمعيات العامة (أكثر من 70 في المئة)، بحسب وثائق رابطة الثانوي المنشورة، الى أن تتحقق كامل الحقوق والمكتسبات». وانتقد «تنصل قيادة الرابطة من دورها النقابي في الدفاع عن كرامة الأساتذة (...) ثم أتى البيان الأخير الملتبس لرابطة الثانوي حيث لم تحدد قيادتها موقفاً واضحاً من التحرك، مراهنة على الممارسات القمعية للمديرين لكسر التحرك وإنهائه بدلاً من أن تستند الى المعارضة الواسعة لتطلق مفاوضات جديدة ترفع فيها سقف المطالب».
وحمّل التيار السلطة «مسؤولية ضياع مكتسبات الأساتذة وحقوقهم»، مديناً «تآمر روابط هيئة التنسيق على الحقوق لتبرير سياسة أحزاب السلطة». ورأى أن انطلاق العام الدراسي «سيبقى متعثراً ما لم تقم الدولة بتأمين مقوّمات نجاح الانطلاقة ومنها: إعطاء سلفة طِبقاً للتضخم الحاصل تصحح الرواتب التي خسرت 95 في المئة من قيمتها، زيادة موازنة تعاونية موظفي الدولة لتقوم بواجباتها كاملة في الاستشفاء والتقديمات الاجتماعية، تصحيح بدل النقل ليواكب نسبة ارتفاع سعر البنزين، إعطاء بدل كهرباء، إنصاف المتعاقدين، ومساواة المتقاعدين بزملائهم في الخدمة في كل الزيادات والتقديمات».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك