كتب نادر حجاز في موقع mtv:
رهانات اللبنانيين الكبيرة على حكومة تنقذهم من الانهيار الكبير تبدّدت سريعاً على وقع سعر صرف الدولار الذي عاد للارتفاع بشكل كبير بعد أيام على تشكيلها، ومعه الأسعار التي تصاعدت بدورها.
تتالت قرارات رفع الدعم الكامل عن المحروقات ودولرتها. أعلنت شركة كهرباء لبنان الاستسلام لتعود الى العمل بتغذية لا تتعدى الثلاث ساعات يومياً بعد تأمين كمية من الفيول من الجيش اللبناني وموافقة مصرف لبنان على سلفة خزينة أسوة بالحلول الترقيعية طوال الأشهر الماضية.
أعلن أصحاب المولدات التمرّد على تسعيرة وزارة الطاقة وفاقت الفواتير قيمة الحد الأدنى للأجور للكثير من العائلات.
بدأ العام الدراسي بتردد وضعف، وبقلق كبير لدى الأهالي العاجزين عن تأمين بدل نقل أولادهم الى المدارس.
كل هذا ولم تتخذ الحكومة القرار بإدخال البطاقة التمويلية حيّز التنفيذ، بعدما كان من المفترض أن تتزامن مع خطوات رفع الدعم لتعين الناس على مواجهة الأوضاع المعيشية القاسية والمتردية.
وها هي تدخل الحكومة على خط الزلازل السياسية وتطير جلستها عند أول قنبلة موقوتة، وتخضع للإمتحان الخطير، قبيل إنفجار سياسي خطير يلوح في الأفق.
كان من المفترض أن تكون وفق الروزنامة الفرنسية "حكومة مهمة" تجمّد الانهيار، تطلق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تفاوض الدائنين، تشرع بإصلاح قطاع الكهرباء وتجمّد سعر الصرف. على أن تكون مهمتها السياسية الوحيدة هي استعادة الثقة الدولية واجراء الانتخابات النيابية. فالجميع كان يعلم أن عمر هذه الحكومة هو لأشهر قليلة ليس أكثر، وبعض الملفات هي أكبر من طاقتها وطاقة الشعب اللبناني على تحمله في ظل هذه الظروف.
الرهان حتى اللحظة سقط. ويبدو أنها لن تكون الا حكومة "تقطيع وقت"، هذا إذا نجت بنفسها من حقل الألغام الذي زُرعت فيه.
القرار السياسي بالقاضي طارق البيطار اتخذ، ومواجهة هذا القرار سيكون مكلفا جداً سياسيا واقتصاديا، فبدلاً من التفرغ لهموم الناس ووضع حد لمعاناتهم، وفي الوقت نفسه ترك الأمر للقضاء والمحقق العدلي لكشف حقيقة انفجار المرفأ، ستكون الحكومة رهينة الكباش السياسي في داخلها وهي التي جاءت بوجه اختصاصي ولكن بانتماء سياسي فاضح يفخخها من الداخل. والبحث بدأ للتوّ عن تسوية لن تكون الا مقبرة لحقيقة انفجار المرفأ وليّ لذراع دولة القانون والمؤسسات وتشريع حكم المزرعة.
هل ينجح الرئيس نجيب ميقاتي بتفكيك كل هذه الألغام؟ ربما، لكن الأمر حتماً في مكان آخر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك