كتب يوسف دياب في "الشرق الأوسط":
فجّر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، قنبلة من العيار الثقيل، تمثلت بتوقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بشبهة «اختلاس أموال عامة من البنك المركزي، وصرف نفوذ، وتبييض أموال، وإثراء غير مشروع»، خلال توليه مهام الحاكم وتحويل هذه الأموال إلى الخارج.
وشكّل حضور سلامة غير المتوقّع إلى قصر العدل مفاجأة لدى الأوساط القضائية والحقوقية؛ إذ وصل إلى النيابة العامة التمييزية عند الساعة الثانية عشرة من ظهر الثلاثاء، ودخل فوراً إلى مكتب النائب العام التمييزي، ليتبيّن أن الأخير حدد له موعداً بشكل سرّي، وكشف مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط» عن أن الحجار «استجوبه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات تتعلّق باختلاسات من مصرف لبنان، وفي نهاية الجلسة اتخذ القرار بتوقيفه، وجرى نقله فوراً ووسط حراسة أمنية مشددة إلى سجن قوى الأمن الداخلي في الأشرفية».
وأكد المرجع القضائي أن «سلامة حضر إلى مكتب القاضي الحجار من دون محامٍ، وسأله الأخير عمّا إذا يريد مثول محامٍ معه فأجاب بأنه يتنازل عن حضور محامٍ، فبدأت جلسة الاستجواب التي انتهت بقرار التوقيف».
ولم يمثل سلامة أمام أي مرجع قضائي في لبنان والخارج، منذ مغادرته منصبه حاكماً للبنك المركزي في 31 تموز 2023، حيث سبق له وخضع قبلها لجلسات استجواب أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا لمرتين متتاليتين، بعدها جرى تعطيل جلسات استجوابه جراء استئناف هيئة القضايا في وزارة العدل قرار تركه. وأفاد المرجع القضائي بأن الحجار «استجوب سلامة في قضيّة منفصلة تماماً عن الملفات التي سبق للنيابة العامة في بيروت أن ادعت عليه بموجبها». وأوضح أنه «في معرض التحقيق الذي يجريه الحجار بملف مصرف لبنان، توفرت لديه شبهات قوية عن علاقة سلامة باختلاسات تقدر بـ41 مليون دولار من البنك المركزي من خلال إنشاء شركات وهمية جرى تحويل الأموال من حسابات المصرف إلى حساباتها في لبنان والخارج»، مشيراً إلى أن الحاكم السابق «لم يتمكّن من تقديم أجوبة مقنعة تدحض الشبهات التي تحوم حوله ما استدعى توقيفه».
وقال المرجع الذي رفض ذكر اسمه، إن النائب العام التمييزي «يمكنه أن يبقي سلامة موقوفاً على ذمة التحقيق لمدة أربعة أيام قابلة للتجديد مدّة مماثلة، لكنه قد يحيله خلال الساعات المقبلة على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، ويطلب الادعاء عليه بجرائم (اختلاس الأموال العامة، والتزوير، وصرف النفوذ، وتبييض الأموال)، وإيداع الملف مع الموقوف قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي لاستجوابه وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه».
ويأتي قرار توقيف سلامة من خارج الحسابات السياسية والقضائية، وعبّرت مصادر مواكبة لما حدث عن اعتقادها بأن هذا القرار «يشكّل بداية لمسارٍ قضائي في ملفات مصرف لبنان وكافة المصارف الأخرى». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما تبدأ التوقيفات بشخص رياض سلامة الذي يحظى بحمايات سياسية، فيعني أنه لا مظلّة فوق أحد، وأن الملاحقات ستشمل كلّ متورّط في اختلاس أموال عامة أو أموال خاصة تعود للمودعين»، مشيرة إلى أن هذه القضية «دخلت مساراً جديداً لا يمكن وقفه أو عرقلته، وأن قرار التوقيف مستند لأدلة وقوية وصلبة وبعيدة عن الارتجال؛ لأن ما يتوخاه النائب العام التمييزي المصلحة العامة ومصلحة الناس وليس أي اعتبار آخر».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك