عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسةً برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وتم البحث في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية والعربية.
وهنأ ميقاتي أعضاء المجلس الشرعي على الانتخاب والتعيين، مُتمنياً لهم التوفيق والنجاح في مهامهم، آملاً "أن تثمر جهودهم في تنمية الأوقاف والسعي الدؤوب للنهوض بشؤون الطائفة الإسلامية السنية، وتعزيز دورهم وتحقيق التطور المطلوب في الإدارات الوقفية". وأبدى ثقته الكبيرة برئيس المجلس وبالأعضاء.
كما أطلع ميقاتي أعضاء المجلس على الأعمال التي تقوم بها الحكومة في شتى الميادين في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة، وقال: "لا أحد يزايد علينا في الدفاع عن القضية الفلسطينية التي تلقى منا كل الدعم والتأييد، وسنقوم بجولة عربية لتعزيز موقف لبنان ودعم وقف إطلاق النار في غزة ولتجنيب الفوضى الأمنية الشاملة في المنطقة، وأن الاتصالات الدولية التي نقوم بها على هذا الصعيد مريحة الى حد ما، وينبغي تجنيب لبنان الحرب مع العدو الإسرائيلي، مما يتطلب من إسرائيل إيقاف عملية الاستفزاز التي تمارسها على الجنوب".
وأصدر المجلس بياناً تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف، جاء فيه:
"استهل مفتي الجمهورية الاجتماع الأول للمجلس الشرعي الاسلامي الجديد الذي جرى انتخاب وتعيين أعضائه أخيراً بالترحيب بالأعضاء الجدد، وأعرب عن تمنياته للمجلس بالنجاح والتوفيق في عمله الإسلامي والوطني، في ظل الظروف الصعبة والخطيرة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية.
وأوضح المفتي دريان في كلمته الافتتاحية خطورة الظاهرة التي كشفتها جريمة التقتيل الجماعي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية المحتلة، والتي تصل الى مستوى حرب الإبادة. واعتبر السكوت عن هذه الجرائم ضد الإنسانية ومحاولات تبريرها، بمثابة تشجيع على القتل الجماعي ومشاركة فيه. ودعا أعضاء المجلس الى العمل من أجل توفير كل أنواع الدعم والمساعدة لأهالي غزة المحاصرين الذين يتضوّرون جوعا ويعانون من كل أنواع الحرمان والاضطهاد.
وبعد قراءة الفاتحة لأرواح شهداء غزة وسائر الشهداء، تداول أعضاء المجلس في مهامهم الجديدة في ضوء التحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بلبنان والمنطقة العربية، وقرروا:
أولا: إدانة التواطؤ السياسي والإعلامي الغربي مع العدوان الإسرائيلي التدميري الممنهج على قطاع غزة المحاصرة، والذي وصل الى حد المشاركة في هذا العدوان سياسيا وإعلاميا وتسليحيا والذي يستهدف الإنسان الفلسطيني حتى في قوت يومه.
ثانيا: التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة وطنه الحر المستقل على أرضه تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية التي تنتهكها اسرائيل وتحول دون تنفيذها بتواطؤ من القوى ذاتها التي تمول حرب الإبادة التي تشنها اليوم على قطاع غزة المستفرد بالعدوان.
ثالثا: دعوة منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية والمنظمات الانسانية في العالم الى التحرك لوضع حد للمجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ومعاقبته على انتهاكاته المتكررة للمواثيق الدولية التي تتعلق بحقوق الإنسان وكرامته وحقه في الحياة، ووقف شامل لإطلاق النار في غزة بلا قيد أو شرط ورفع الحصار عن أهالي غزة المظلومين، وإقرار هدنة و فتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى سكان القطاع وتوفير الاحتياجات الإغاثية والدوائية اللازمة للسكان، ووقف الممارسات كافة التي تهدف إلى التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني إلى أي مكان خارج أرضه ووطنه.
رابعا: مناشدة القوى السياسية في لبنان تجاوز اختلافاتها والمسارعة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحمي الدستور ويلتزم به بحيث يكون انتخابه مدخلا الى معالجة القضايا الخلافية انقاذا للبنان من الهوة التي أسقط فيها. ان التعاون مع الحكومة والامتناع عن عرقلة أعمالها، ضرورة وطنية اليوم أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن مواجهة خطر العدوان الإسرائيلي ليس مجرد تصريف للأعمال، لكنه واجب وطني يتطلب اعتصاما بالوحدة الوطنية والمصير المشترك.
خامسا: تمكين حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي من بذل مزيد من الجهد لمعالجة القضايا الاجتماعية المتفاقمة نتيجة التدهور الاقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية وانعدام فرص العمل.
سادسا: التصدي بتضامن وطني موحد للهجرتين اللتين يتعرض لهما لبنان: الهجرة غير الشرعية من سوريا، والهجرة القسرية من لبنان. وحذّر المجلس من أن استمرار الهجرتين يشكل خطرا على هوية لبنان ودوره ومستقبله.
سابعا: حذّر المجلس من تنامي ظاهرة الانقسامات غير البريئة التي تستهدف تمزيق العالم العربي طائفيا ومذهبيا وعرقيا والتي بدأت تطل برأسها في لبنان، وهو دولة الرسالة والأخوة الوطنية والعيش المشترك.
وشدّد على التمسك بالوحدة الوطنية تمسكاً منه بلبنان الرسالة ولإفشال المشروع الذي يستهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ في عالمنا العربي والإسلامي .
وتم انتخاب نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام بالتزكية، ثم جرى انتخاب رؤساء وأعضاء لجان المجلس وهي: القضائية، التشريعية، الإدارية والمالية، الطعون والتأديب، الدعوة والمسجد وحماية التراث، الأوقاف والتنمية الوقفية، التربية والتعليم والثقافة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك