كتب علي زين الدين في "الشرق الأوسط":
افتتحت الارتفاعات المضاعفة و«الباهظة» لتعرفات الاشتراكات العامة والخاصة بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) موجة الغلاء الأحدث، متسببةً بإرباكات حادة في إدارة ميزانيات الأسر، والمقبلة تلقائياً على مصاريف ثقيلة مضافة ومتجددة في بداية العام الدراسي الجديد، فيما تنوء غالبية الشرائح الاجتماعية أساساً تحت مصاريف لتلبية التزود بالتيار الكهربائي العام وعبر اشتراكات المولدات الخاصة.
ومن شأن هذه الحزمة من المصروفات المضافة وبنسب كبيرة، على الاتصالات والطاقة والتعليم، والمستتبَعة لاحقاً بكلفة التدفئة في فصل الشتاء، أن تُفاقم بحدة الحصيلة التراكمية لمؤشر التضخم الذي لامس حاجز خمسة آلاف في المئة بنهاية تموز الماضي، محققاً نسبة تتعدى 251 في المئة على أساس سنوي.
وفوجئ المشتركون بخدمة الإنترنت عبر الشركات الخاصة في المناطق اللبنانية كافة، بتلقيهم إشعارات باعتماد تعرفات مضاعفة جديدة بدءاً من أيلول الحالي، وبما لا يقل عن 20 دولاراً شهرياً للباقة الأدنى، أي نحو 1.8 مليون ليرة. وذلك تبعاً لموافقة حكومة تصريف الأعمال على اقتراح وزارة الاتصالات زيادة تعرفة الإنترنت لدى شركة «أوجيرو» التابعة للقطاع العام، سبعة أضعاف جديدة، وبعدما كانت قد رفعت التعرفة بواقع 2.5 ضعف قبل سنة.
ورغم تأكيد وزير الاتصالات جوني القرم، أن الحد الأدنى الشهري لباقات خدمة الإنترنت سيكون 420 ألف ليرة والأقصى هو 7 ملايين ليرة عبر «أوجيرو»، مع احتساب الدولار بسعر 25.5 ألف ليرة، فإن تبليغات الشركات الخاصة التي تحوز الحصص الكبرى في إيصال الخدمات للمواطنين، أحدثت «هلعاً» في صفوفهم جراء ما تمثله من ثقل مضاعف إضافي على المداخيل المتآكلة، مما اضطر الكثير منهم إلى طلب الوقف الفوري للاشتراكات، وسط توقعات بتوسع رقعة «العجز» عن سداد كلفة الوصول إلى الشبكة، والاكتفاء موقتاً بالباقات المحدودة التي تؤمّنها شركتا الخليوي واللازمة للحفاظ على خدمة «واتساب»، كونها البديل الأرخص تكلفة للتواصل عبر الهواتف النقالة.
ولم تلقَ توضيحات القرم أي استجابات فورية من أصحاب الشركات الخاصة الذين فرضوا التسعيرة الجديدة بما يزيد على 4 أضعاف التسعيرة الرسمية، بينما أجمع مواطنون تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، على عدم ثقتهم بالتصريحات الرسمية تبعاً لكل التجارب السابقة. والأمر عينه بالنسبة إلى الحصول على أي خدمة من مؤسسة عامة في ظل الترهل الصريح الذي يسود كامل مؤسسات القطاع العام واستمرار إضراب الموظفين أو اعتكافهم عن الحضور إلى مكاتبهم، مما تسبب في شلل مشهود في مرافق حيوية تؤمِّن موارد وفيرة لخزينة الدولة، مثال الدوائر العقارية وتسجيل السيارات وسواها. فضلاً عن تقادم شبكات الاتصالات والسنترالات وتعريضها للخروج من الخدمة عند نقص الوقود أو خلال العواصف الجوية.
ويرى القرم أنه «ليس من حق الشركات الموزِّعة للإنترنت زيادة تسعيرة الخدمة على المواطنين أكثر من 15 دولاراً، في حين أنّ الوزارة زادت بدل تزويدهم بالقنوات (E1) الخاص بالإنترنت بقيمة 4 دولارات فقط. وبالتالي ليس هناك أي تبرير للزيادة التي فرضتها الشركات أخيراً على المواطنين. علماً بأن تلك الجهات زادت مسبقاً أسعارها قبل أن يُرفع البدل المسدد للوزارة».
وكشف عن خطة تتضمن 3 مراحل: الأولى ستكون على المدى القصير، وترتبط بقيام وزارة الاقتصاد بمتابعة موضوع التسعير الذي يفرضه الموزعون على المواطن، وللوزارة الحق في تحرير محاضر ضبط بحق المخالفين. أما الثانية فستكون على المدى المتوسط، وقد طُلب بشكل واضح من هيئة «أوجيرو» ألا يكون هناك قطاع غير شرعي للإنترنت في المناطق التي توجد فيها سنترالات وتوصيلات تقنية تابعة للهيئة. أما الثالثة فستكون على المدى طويل الأمد.
وفي هذا الإطار، يقول القرم: «نعمل على جمع عدد المشتركين لدى كل شركة. كما أننا نطلب من هذه الجهات منحنا الخرائط التابعة لها لكي نجد طريقة تسهم في وصل الشبكة الموجودة وغير المنظمة بشبكة الوزارة عملياً، فإن هذا الهدف نسعى إليه وبدأنا العمل عليه مع 6 شركات حالياً، وهذا الأمر يسهم في فتح الشبكة بعضها على بعض، ونسعى إلى إضفاء تنافسية ومنع الاحتكار. وبالتوازي، سيتم إعلان المناطق التي ستتوافر فيها خدمات هيئة (أوجيرو)، وذلك لكي يتسنّى للمواطن الانتقال من (موزع الحي) إلى الشبكة التابعة للهيئة».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك