إعتبر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن أن "ما تمر به المنطقة بشكل عام ولبنان بشكل خاص محزن ومعقد جداً ولكن في القطاع الزراعي نحن محكومون بالاستمرارية على الرغم من ارتفاع أكلاف الزراعة على المزارع و انعكاسها سلبا على المستهلك". وقال: "إلى أي مدى نحن قادرون على وضع سياسة قادرة على النهوض الاقتصادي من البوابة الزراعية، خصوصاً أن لبنان بحاجة الى النهوض الاقتصادي عن طريق الزراعة ويجري العمل على ذلك منذ عام ونصف ولبنان يتقدم بخطوات ثابتة في المجال الزراعي باتجاه أن يكون هناك ديمومة في الأمن الغذائي من خلال البوابة الزراعية ومعالجة مشاكل بعض المزارعين من خلال الجهات المانحة لأن الدولة اللبنانية اليوم بكل هيئاتها وبكل هيكليتها الادارية المالية يشوبها بعض الشوائب، وبالتالي التعويل المباشر والأساسي والمركزي هو على الهيئات المانحة التي تريد مساعدة القطاع العام وخصوصاً القطاع الزراعي. وهناك توجه من البنك الدولي وباقي المؤسسات للمساعدة في قطاع الزراعة والمساعدة في هذ الاطار لأنه ثبت أن في لبنان ودول المنطقة والعالم كله يوجد اهتزاز بالأمن الغذائي، ولا يمكن تثبيت واستقرار الأمن الغذائي إلا من خلال توسيع المساحات المزروعة والزراعات التي تدخل فيها السلة الغذائية".
ورداً على سؤال حول ما الذي يمنع زراعة القمح الطري للعمل على الاكتفاء الذاتي أقله في الأزمات، أجاب عبر "اذاعة لبنان الحر": "في لبنان، نحتاج فقط إلى الارادة والرؤية وعندما تتأمن الاخيرة يتأمن كل شيء. واليوم تمت زراعة القمح الطري في لبنان على مساحة 15 ألف دنم على مساحة الوطن في سهول عكار ومرجعيون والبقاع، وبالتالي هذا يؤسس الى زراعة القمح الطري لصناعة الخبز وعدم استيراد القمح من الخارج. وهذه الخطوة الاولى تؤسس لخطوات متلاحقة. وخلال ثلاث سنوات سيصبح لبنان قادرا على الاستغناء عن 60 في المئة من الحاجة الى شراء هذا المحصول الاستراتيجي".
وأضاف: "القمح الطري تأثر جدا بالحرب الاوكرانية الروسية وبالتالي لم يعد مسموحا أن نشتري القمح لصناعة الخبز. ولبنان يزرع القمح الصلب ويصدره إلى الخارج. واليوم يزرع القمح الطري ولكن ليس على حساب باقي الزراعات لأن تنوع وتعدد المزروعات في لبنان يشكل غنى للقطاع الزراعي حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي".
ورداً على مقولة ان "المزارعين كانوا يمنعون من زراعة القمح الطري لتأمين استفادة المستوردين من عملية الاستيراد، أوضح الحاج حسن أنه "لم يعد ممكنا لأي أحد اعتبار نفسه أقوى من لبنان وأنه فوق القانون". وقال: "نحن أمام احتمالين: إما إعادة النهوض أو احتمال آخر هو مزابل التاريخ لأنه لم يعد مسموحا أن تتحكم فئة قليلة من الناس بحياة اللبنانيين لأنهم مستفيدون من ذلك، ولبنان سيستمر بزراعة القمح الطري لأنه موضوع استراتيجي وأساسي وتدعمه جميع المرجعيات الدينية والسياسية بل على العكس هناك تشديد على الاستمرار بمشروع زراعة القمح الطري من أجل توفير الأمن الغذائي. لم يعد مسموحاً لنا نحن اللبنانيين أن ننتظر استيراد الطحين لصناعة الخبز، خصوصاً أننا صدرنا الكثير للعالم من الحرف إلى الأدمغة وبالتالي بإمكاننا أن نقوم بإنتاج زراعي حقيقي يبدأ بالقمح ويمتد لباقي القطاعات الانتاجية الحقيقية".
وعن السجل الزراعي، قال: "إننا نطفو على سطح بحيرة هي القطاع الزراعي ولكن لا نعرف مدى امكانات لبنان في القطاع النباتي والحيواني والمساحات المزروعة وقدرته على التصدير وحاجته إلى الاستيراد ومدى صوابية الروزنامة الزراعية مع الدول التي نتعامل معها، وتوجد اعتراضات على سجل المزارعين ونعمل من دون أي تنظيم منذ 30 عاماً، وهناك اعتراضات على سجل المزارعين وهناك اقتراح قانون أو مشروع قانون قدم في الماضي كان يحتوي على شوائب".
الى ذلك، دعا الحاج حسن الاعلام والنقيب انطوان حويك إلى "طلب مشروع قانون سجل المزارعين". وأبدى استعداده، "في حال لم يتم الحصول عليه من مجلس النواب، لسحبه من المجلس وتوزيعه على الإعلام اللبناني للاطلاع عليه"، لافتاً الى أنه "قانون عصري ويبعد وزارة الزراعة عن التسلط الذي يمكن لأي وزير أن يفرضه أو لأي حزب أو جهة أن تفرضه".
وقال: "السجل الزراعي هو المدماك الأساسي الذي من خلاله يمكن وضع النقاط على الحروف ووضع معلومات حقيقية في البلد لكل المزارعين بعيدا عن الاستنسابية والتقوقع الطائفي والمذهبي و المحاصصة والفساد الذي لا يزال ينخر في البلد ولا يمكن القضاء عليه إلا من خلال أسس حقيقية.
أما بالنسبة إلى وجود أولويات أخرى، فوزارة الزراعة قدمت مشاريع عدة من قبل المزارعين بقيمة 200 أو 300 دولار، وقد صرفت ملايين الدولارات في هذا الاطار ولم يتغير الواقع الزراعي في لبنان. لذلك، كان لا بد من الذهاب باتجاه آخر وهو تأمين الطاقة البديلة للمزارعين، وأيضا البذور والأسمدة تعتبر أساسية واستراتيجية إضافة إلى المبيدات والإرشاد الزراعي. فماذا لو وضعت الاسس الحقيقية لهذه الركائز الاساسية؟ عندها تظهر النتائج الايجابية بعد عام أو عامين وبالتالي نكون قد وضعنا القطاع الزراعي على السكة الصحيحة مثل الاوروبيين الذي أصبحوا لاعبا أساسيا ومركزيا ككتلة اقتصادية من البوابة الزراعية".
وكانت مداخلة للنقيب أنطوان الحويك، رد عليها وزير الزراعة، وجاء فيها: "إن الإعتراض ليس على مبدأ السجل الزراعي ففي العام 2002 تم تقديم مشروع قانون للسجل الزراعي يتضمن أدق التفاصيل وتمت مناقشته في مجلس النواب وهذا بحاجة إلى قانون ليصبح نافذا، وكان يجري الحديث عن الغرف الزراعية المستقلة التي ستوكل اليها مهمة ادارة السجل الزراعي. وفي العام 2009 وفي المنتدى الاقتصادي والاجتماعي الذي نظمه الاتحاد الأوروبي، تمت موافقة جميع الأحزاب اللبنانية والاتفاق على تأسيس السجل الزراعي الذي تديره الغرف الزراعية المستقلة وقدم الملف لسفير منظمة الأغذية العالمية Fao الدكتور سعاده الذي دعم السجل الزراعي في مجلس النواب لأنه يحتاج إلى قانون وقد تمت الموافقة عليه رسميا من جميع الأحزاب. وبالتالي يجب أن يبدأ التنفيذ. ودور الفاو هو الدعم ومشروع القانون تقدم ثلاث مرات إلى المدير العام، ولكن مع الأسف تم العمل لمدة 5 سنوات ودفعت الأموال على سجل زراعي ينقصه القانون من دون الاخذ بالاعتبار للقانون الموجود أصلا والمعمول عليه سابقا. وعلى منظمة الفاو أن تساعد القطاع الزراعي في لبنان وقد جرى الكثير من هدر الأموال في القطاع".
أما الحاج حسن فكان رده أن "هناك توافقا على المبدأ مع انطوان الحويك ولكن هناك مشكلة في التطبيق"، داعياً إلى "التنسيق مع النواب من أجل إدخال تعديل على القانون". وقال: "وزارة الزراعة أطلقت الأساسيات في السجل الزراعي، وبعد ذلك الدور لمجلس النواب وإلى الآن تم جمع المعلومات من المزارعين وهذا لا يكلف الدولة الأموال وكل هذه المعلومات التي سيعطيها المزارع ستكون مسؤولية وزارة الزراعة".
وطلب من "أي تكتل أو نائب العمل على تبني مجلس النواب لمشروع القانون المتعلق بالسجل الزراعي الذي تديره الغرف الزراعية المستقلة وتدعمه الفاو".
وأضاف: "إن تبادل الأفكار بين النقابيين ووزارة الزراعة يساعد على تكوين صورة واضحة عن واقع القطاع الزراعي".
ورداً على مداخلة النقيب ابراهيم الترشيشي الذي تمنى "وصول السجل الزراعي إلى النتيجة المرجوة وإعطاء هوية زراعية للمزراع اللبناني في وقت قريب لأن القطاع الزراعي يعيش الإنهيار كباقي القطاعات بسبب سعر الصرف"، قال: "إن موضوع العملة هو من مسؤولية السلطة النقدية ويجب أن تحاسب على ما يجري".
وأشار الى أنه التقى مع النقيب ترشيشي "كمصدر ونقابي وكمزارع"، واستمع إلى "أفكاره الجيدة في ما خص سجل المزارعين وتم الأخذ بها ووزارة الزراعة تؤمن بالشراكة مع المزارعين، لكن في ما خص أولويات الدولة فهي للزراعة والصناعة لكي نتمكن من النهوض بالاقتصاد".
وتحدث عن "مدى تقدم دولة قطر في مجال الزراعة"، وقال: "ما ينقص لبنان للتقدم في مجال الزراعة هو الثقة بين بعضنا البعض والاستماع لبعضنا البعض وأن نؤمن بالشراكة في جميع الاتجاهات من انتخاب رئيس للجمهورية وصولا إلى قطاع الزراعة". وأبدى استعداده "للاجتماع مع النقابيين وبحث كل ما يتعلق بالزراعة".
أما بالنسبة إلى القمة الرباعية بين الأردن والعراق ولبنان وسوريا، فإعتبر أن "على الدولة اللبنانية التواصل مع كل دول العالم من الخليج إلى سوريا وروسيا وإيران لما فيه مصلحة لبنان". وقال: "علينا أن ننظر إلى أي دولة من منظار مصلحتنا كلبنانيين. وفي هذا الاطار القمة الرباعية الزراعية في دمشق هي اختتام لقمم أربع عقدت في العراق وبيروت والاردن لتسهيل العلاقات البينية بين هذه الدول والترانزيت والجمرك وشهادات المنشأ والشهادات الصحية البيطرية، وهي مهمة جدا وأساسية وعلينا في لبنان أن نعمل على الثقة الداخلية والاستماع لبعضنا البعض والحوار، وأيضا يجب أن يكون لدينا ثقة مع الأقليم والحوار معه. وبالنسبة الى ارتفاع الأسعار لاسيما في شهر رمضان فعلى وزارة الاقتصاد والأجهزة الأمنية النزول إالى الشارع وضبط الأسعار لأنه لا يوجد منتج زراعي مفقود في الأسواق كل المنتوجات اللبنانية موجودة. وكل ما نحن بحاجة إليه تم استيراده من الخارج وبالتالي لا مبرر لارتفاع الاسعار وما يجري هو جشع وفجور ويحتاج إلى تدخل وزارة الإقتصاد بما أمكنها من هيئات رقابية وبمؤازرة القوى الأمنية وإلا فلن يكون هناك حل".
وأبدى استغرابه من ارتفاع الأسعار مع بداية شهر رمضان "وما يفسر ذلك هو محاولة احتكار السوق الزراعي"، معتبراً أن "على وزارة الاقتصاد ان تتدخل لضبط الأسعار لأن هذا من صلاحياتها".
وختم: "نحن نعمل وفق مبدأ تناغم السلطات".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك