كتبت مريم حرب في موقع mtv:
على وقع "الإنجاز السيادي" الذي حققته ثورة 14 آذار بإخراج الجيش السوري من لبنان، بقيت السيادة منقوصة والدولة مرهونة. الضربة الأولى لـ14 آذار أتت بالتحالف الرباعي وتوالت النكسات بالتسويات والاتفاقات من اتفاق مار مخايل إلى تسوية الدوحة فتسوية 2016، وكل ذلك تحت وطأة الاغتيالات واستخدام السلاح والفراغ. حاولت قوى عدّة من 14 آذار التعاطي مع التطوّرات وكأنّها "أم الصبي"، إلّا أنّ النتيجة كانت تسليم البلد إلى "حزب الله" فالانهيار. "الخطيئة" ارتُكبت، فكيف السبيل لعدم تكرارها؟
يجزم حزب "القوات اللبنانيّة" على لسان نائبه فادي كرم بأنّه لن يذهب باتجاه تسوية "فالظرف مختلف عن 14 آذار وثورة 17 تشرين غيّرت كثيراً في المعادلة، والخطأ لن يتكرّر مرّة أخرى". وقال، في حديث لموقع mtv: "سنثبت هذا الأمر بالممارسة في مجلس النواب وسنُسقط كل محاولات محور الممانعة التطبيع مع الوضع القائم واعتبار لبنان ملحقًا بإيران". وأكّد كرم أنّ "المواجهة متوازنة ولذلك لن يتمكّن "حزب الله" من إخضاع القوى السياسيّة كما في السابق".
"لا عقدة لدى "الكتائب" من مناقشة أي طرح يخرق المشهد السياسي الحالي ضمن ثوابته وانتخاب رئيس تنطبق عليه المواصفات، رئيس على قدر التحدّيات"، على حدّ تعبير النائب الياس حنكش. وأضاف، في حديث لموقعنا: "لم نرفض دعوات الحوار يومًا لأنّ البديل عن الحوار هو الحرب، إلّا أنّه على كلّ فريق سياسي أن يتحمّل مسؤوليّته وينتخب رئيسًا للجمهورية وسنعمل لإيصال رئيس سيادي". ويضمن حنكش "عدم موافقة حزب "الكتائب" على أي تسوية عكس قناعاته".
من جهته، شدّد النائب وضاح الصادق على ثقته "بأنّ قوى المعارضة صلبة ومتمسّكة بقرارها بعدم التسوية على حساب البلد ومتمسّكة بفكرة أنّ لبنان بحاجة إلى قوّة معارضة قادرة أن تؤمّن توازنًا". وأضاف: "ما رح نخليهن يمسكونا من الإيد يلي بتوجعنا" وأن يُهددونا بالإنهيار الأكبر لأنّ ذلك سيحصل متى وصل رئيس للجمهورية من محور الممانعة. واستطرد: "معظم القوى في المعارضة لم تكن صاحبة قرار في 14 آذار باستثناء حزب "القوات اللبنانية" الذي استكمل المسيرة. فتيّار "المستقبل" والحزب "التقدمي الاشتراكي" خرجا عن مسار 14 آذار منذ التحالف الرباعي". ولفت إلى أنّ التغييريّين لن يقبلوا بحكومات الوحدة الوطنيّة وبتسويات مع "حزب الله" كما فعل آخرون في معادلة الفساد مقابل السلاح.
تحت سقف الحوار واتفاق الطائف، يُصرّ الحزب "التقدمي الاشتراكي" على حلّ الخلافات الداخليّة. وتحت شعار "استخلاص العبر"، أشار النائب هادي أبو الحسن في حديث لموقع mtv، إلى أنّ "ما حدث في الماضي قد حدث ولا يمكن العودة بالزمن لتصحيح المسار". وأوضح "أنّنا أمام مشهد دولي وإقليمي جديد، ما يعني أنّنا أمام مرحلة تسوية من دون أن يعني ذلك التفريط بالثوابت السيادية واستقلال لبنان ووحدته". وأضاف: "أي مواجهة خاتمتها هي الحوار والتاريخ يشهد والخروج من الأزمة الحالية لا يُمكن أن يحصل بمنطق الغلبة، فالحلّ العمليّ يكمن بتسوية توصل رئيسًا توافقيًّا يجمع ولا يُفرّق". كما يُعوّل أبو الحسن على الاتفاق السعودي الإيراني وعلى مفاعليه لحلّ موضوع سلاح "حزب الله".
"التيار الوطنيّ الحرّ" الذي حضّر أوراق طلاقه من "حزب الله"، يُصّر على أنّ لبنان محكوم بالتسوية. ولفت النائب ألان عون في اتصال مع موقعنا إلى أنّه يجب أخذ العبرة من تجربة 14 آذار، قائلًا: "قلّة النضوج عند كثيرين أدت إلى فشلها إضافة إلى كونها تجربة جديدة خضناها، وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم والندم لا ينفع".
وإذ لفت إلى أنّ "المفيد الوحيد أن نقتنع أن الخارج يُمكن أن يكون عنصراً مساعداً كما يُمكن أن يكون عنصراً معطّلًا، وأن نقتنع أن لبنان قائم على منطق التفاهم لا منطق فرض الرأي ومنطق الغلبة"، اعتبر أنّه "انطلاقًا من هاتين الثابتتين علينا أن نبحث عن حلول وتسويات رغم التعقيدات وخلق حدّ أدنى من الاستقرار".
اعذرنا يا سيّد محمود درويش "لأنّنا نعرف من باع الوطن ورأينا جيّداً من دفع الثمن". في الأفق، بدأت تترسّم معالم تسوية داخليّة يُمهّد لها الخارج، فإذا كان الحوار ضروريًّا بين مختلف القوى اللبنانيّة للخروج من النفق، فليكن حواراً لكيفيّة بناء دولة الدستور والقانون والمواطن والعدالة والقضاء والنهوض بالبلد اقتصاديًّا وحصر السلاح بيد الدولة والأجهزة الأمنيّة، كي لا تتكرّر "خطيئة" 14 آذار. وإن حصل عكس ذلك، فعلى لبنان السلام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك