يشكل التلوث بالمعادن الثقيلة الواسع النطاق وتآكل السواحل وتسرب مياه البحر تهديدا وجوديا لدلتا نهر النيل ويعرض 60 مليون شخص في مصر للخطر.
ويُعرف نهر النيل بأنه أطول نهر على وجه الأرض، حيث يعبر أربع مناطق مناخية مختلفة وتسعة أنظمة هطول أمطار مختلفة ويمتد لأكثر من 6650 كم من إفريقيا الاستوائية إلى البحر الأبيض المتوسط. وعلاوة على ذلك، تعد دلتا النيل محطة توقف مهمة للطيور المهاجرة خلال رحلتها على طول مسار طيران شرق إفريقيا.
ووفقا لبحث جديد من كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، قاده عصام حجي من مركز الأبحاث Viterbi Innovation Fund Arid Climates and Water Research Center، ونُشر في 7 مارس في مجلة Earth's Future، فإن تأثير التلوث يتضح بشكل خاص في مصر، الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان والأكثر جفافا في اتجاه مجرى النيل، والتي تعتمد كليا على النهر كمصدر وحيد لمياه الشرب وري المحاصيل.
وتواجه البلاد حاليا واحدة من أعلى حالات العجز في ميزانية المياه في إفريقيا بعد عقود من التعويض عن إمدادات المياه المتضائلة من خلال إعادة استخدام مكثفة واسعة النطاق لمياه الصرف الصحي، والتي لم تتم دراسة عواقبها حتى الآن.
وقال حجي: "لديك تقريبا مجموع سكان كاليفورنيا وفلوريدا يعيشون في مساحة بحجم ولاية نيوجيرسي، تتلوث بشكل متزايد بالمعادن الثقيلة السامة. واليوم، يجب أن تواجه الحضارة التي ازدهرت في مشهد مائي خلاب لأكثر من 7000 عام واقع هذا التدهور البيئي الواسع النطاق الذي لا رجعة فيه".
وفي البحث الجديد، قام باحثون من الولايات المتحدة ومصر بتحليل حجم الحبوب ومستويات التلوث لثمانية معادن ثقيلة في عينات من رواسب القاع تم جمعها من فرعين من فرعي دلتا نهر النيل. وتضمنت النتائج الرئيسية ما يلي:
- تلوث الرواسب في قاع نهر النيل بشدة بالمعادن الثقيلة مثل الكادميوم والنيكل والكروم والنحاس والرصاص والزنك.
- تأتي الملوثات بشكل أساسي من الصرف الزراعي غير المعالج ومياه الصرف الصحي البلدية والصناعية. ومن دون معالجة مناسبة للمياه المعاد تدويرها، تزداد تركيزات المعادن الثقيلة وتندمج بشكل دائم في قاع النهر على عكس الملوثات العضوية التي تتحلل بشكل طبيعي بمرور الوقت.
- يمكن أن تتفاقم تركيزات المعادن الثقيلة بسبب زيادة بناء السدود على نهر النيل. وتعمل السدود الضخمة التي تم بناؤها عند المنبع على تعطيل التدفق الطبيعي للنهر وتدفق الرواسب، وبالتالي تؤثر سلبا على قدرته على طرد الملوثات إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يترك السموم تتراكم في رواسب القاع بمرور الوقت.
وقال الباحثون إن الكثير من التلوث بالمعادن الثقيلة لا رجعة فيه، لكن تدابير الحفظ المستندة إلى العلم التي اقترحها البحث يمكن أن تبطئ التدهور البيئي ونأمل في استعادة النظام البيئي لدلتا نهر النيل.
وأوضح أبو طالب زكي أبو طالب، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية فيتربي للهندسة والمؤلف المشارك للدراسة: "لقد وضع الإجهاد المائي المتفاقم والنمو السكاني السريع في مصر، الذي وصل إلى أكثر من 100 مليون نسمة، السلطات المحلية في معضلة سواء لتوفير مياه عذبة كافية للقطاع الزراعي المتعطش لتأمين الإمدادات الغذائية من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي غير المعالجة أو الحفاظ على صحة نهر النيل. إحلان التوازن صعب، ونتائج كلا الخيارين قابلة للقياس".
وقال حجي: "تؤكد دراستنا الحاجة إلى مزيد من البحث حول الآثار البيئية لإعادة تدوير المياه غير المعالجة والتغير في عكورة النهر في ظل زيادة سد المنبع على نهر النيل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك