كتب المدير العام لوزارة الإعلام د. حسان فلحة في "النهار":
ما انفك التوابون من أهل السياسة ووكلاء الشأن والربط في لبنان يرزحون تحت وطأة آمالهم الموعودة في السعي للثم الركن الخارجي لغرْبَاتهم ، المفتوحة على اتساع مصارعهم الداخلية وتتعاظم عند هؤلاء الأوّابين أحوال رحلة الهجرة والتكفير، ويحملون صحائفهم الملونة على هيئاتهم المتنافرة، المرفوعة على أسنة التعصب والتقوقع إلى بلاد عصية الحدود، جابوها من نجد إلى وهد، كإقبال دهرهم و إدباره بلا ملل أو كلل، اعتقادا منهم أنهم خير الخطائيّن.
أما اللبنانيون، من عوام التخوم في طوائفهم، الحائرون إذ ضلت بهم السبل، شعبٌ عميق في أطوائه، سقيمٌ في أهوائه. يبتدع ديمقراطيته وفق خطوط العدد والحسب كمًّا، ويسترسل في رسم أوصاف سيادته على انطباع حريته ذات الشك والريبة نوعًا، وقد استبرأ ابناؤه وأووا إلى أركان مذاهبهم يُدْهِنون.
في هذا البلد، يعيش شركاء مضاربون في الوطنية، متشابهون في الطائفية.عقدتُه فائض الشك والركون، لبنانيون قوامون على لبنانيين. تتبدل الطائفية السياسية بين المذاهب والتحالفات، ولا تسقط ميثاقية تقسيم أجزاء الجغرافيا وتوزيع الحصص المورثة، حتى غدت المواطنة إطارا شكليا والطائفية مضمونا على وقعي ّالولاءات الخارجية الواسعة ومسموحات الملة الضيقة. وفق القناعة الرائجة، إن لكل دولة زمانا وطائفة ورجالا. لا يفتر القول إن اللبناني يعيش "التهديد الأبدي بالعنف"، كما تنبأ الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز، و إلا لما لا يمسي دخول الطوائف طوعاً أو انصياعاً إلى العقد الوطني - الاجتماعي الذي يفترض تنازلا صريحا وضمنيا عن تأثير المدارات الخارجية في صوغ التوافق الداخلي لإدارة السلطة السياسية، وتسيير إداراتها ومؤسساتها، وعندها لا تعود العمليات الانتخابية والاستشارات الملزمة وغيرها، ذات شأن الباب العالي، أو ينتخب ذو النشوة المفرطة كأس الانتصار المر كأن الإسكندر سرق من مرآته شكلا لصورة وجهه، ولا ينتحب الثاكل على مجد تمدد خارج مدارك اليد ليرتد إلى حدود الوطن خالي الوفاض من نصير نصره لم يلق نظرة امتنان ومجاملة إزاء دفعه أثمانا مذهلة ما كان ولا كانت.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك